للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَقَالَ لِي: مَا تَقُولُ؟ فَقُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، كَمْ دِيَةُ الْعَقْلِ؟ فَقَالَ: وَمَاذَا مِنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: بِجَوَابِكَ يَنْتَظِمُ سُؤَالِي، فَقَالَ لِي: دِيَةُ الْعَقْلِ أَلْفُ دِينَارٍ، فَقُلْتُ لَهُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، فَيَعْمِدُ الرَّجُلُ إِلَى مَا فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ فَيَبِيعُهُ بِزُجَيْجَةٍ تَسْوِي نِصْفَ دِرْهَمٍ؟ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّهُ يَزُولُ وَيَرْجِعُ، فَقُلْتُ لَهُ: بَعْدَ مَاذَا أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ؟ بَعْدَ أَنْ قَاءَ فِي لِحْيَتِهِ، وَكَشَفَ سَوْءَتَهُ إِلَى أَهْلِهِ، وَسَبَّ هَذَا، وَقَتَلَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا؟ فَقَالَ لِي: صَدَقْتَ وَاللَّهِ، صَدَقْتَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: وَحَدَّثَنِي فُرَاتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي حَسَّانٍ، يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى الأَغْلَبِ زِيَادَةِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فَإِذَا الْجَعْفَرِيُّ وَالْعَنْبَرِيُّ، وَهُمَا يَتَنَاظَرَانِ فِي الْقُرْآنِ، وَالْجَعْفَرِيُّ يُنْكِرُ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَالْعَنْبَرِيُّ يَقُولُ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ، فَلَمَّا رَآنِي الْجَعْفَرِيُّ، قَالَ: قَدْ جَاءَ شَيْخُنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يُعِينُنَا عَلَيْكُمْ، فَلَمَّا أَنْ قَعَدْتُ قُلْتُ لِلْعَنْبَرِيِّ: مَا أَنْتَ وَذَا، هَذَا بَحْرٌ عَمِيقٌ عَلَيْكَ بِجِرْبَانِ الْبَصْرَةِ، يَعْنِي: النَّخْلَ، فَقَالَ لِلْجَعْفَرِيِّ: إِنْ كَانَ مَعَكَ أَبُو مُحَمَّدٍ فَهَذَا الأَمِيرُ مَعِي، يَعْنِي: الأَغْلَبَ، فَقُلْتُ: وَمَا لِلْمُلُوكِ وَلِلْكَلامِ فِي الدِّينِ؟ فَأَحْفَظَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَتَى إِلَى السُّلْطَانِ فَهُوَ مِثْلُ السُّلْطَانِ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّمَا أَتَاكُمُ الآتِي لأَنَّكُمْ خَيْرٌ مِمَّنْ هُوَ شَرٌّ مِنْكُمْ، وَلَوْ أَتَى مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكُمْ لأَتَاهُ النَّاسُ وَلَمْ يَأْتُوكُمْ، فَقَالَ: وَمَنْ خَيْرٌ مِنَّا؟ فَقُلْتُ لَهُ: لَوْ نَزَلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ أَكَانَ حَسَنًا يَتْرُكُونَهُ وَيَأْتُونَكُمْ؟ لَوْ نَزَلَ عِيسَى أَتَاهُ النَّاسُ وَلَمْ يَأْتُوكُمْ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَحَدَّثَنِي أَبُو سَهْلٍ فُرَاتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ الصُّمَادِحِيِّ، قَالَ: كَانَ ابْنُ أَبِي حَسَّانٍ إِذَا أَشْرَفَ عَلَى سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ أَهْلُ

<<  <   >  >>