بَعْضَ إِخْوَانِهِ بِالثَّلاثِينَ دِينَارًا، وَنَحْوِهَا.
وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ شَرَّدَ أَهْلَ الأَهْوَاءِ مِنَ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَكَانُوا فِيهِ حِلَقًا لِلصُّفْرِيَّةِ، وَالإِبَاضِيَّةِ مُظْهِرِينَ لِزَيْغِهِمْ وَكَانَ حَافِظًا لِلْعِلْمِ، وَلَمْ يَكُنْ يَهَابُ سُلْطَانًا فِي حَقٍّ يُقِيمُهُ.
لَقِيَ فِي الْفِقْهِ ابْنَ الْقَاسِمِ، وَأَشْهَبَ وَغَيْرَهُمَا، وَلَقِيَ فِي الْحَدِيثِ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، وَابْنَ وَهْبٍ، وَأَنَسَ بْنَ عِيَاضٍ، وَوَكِيعَ بْنَ الْجَرَّاحِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ، وَيَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، وَالْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ، وَغَيْرَهُمْ.
وَلِيَ الْقَضَاءَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً.
وَأَقَامَ قَاضِيًا سِتَّ سِنِينَ، وَلَمْ يَأْخُذْ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا.
وَتُوُفِّيَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، يَوْمَ الثُّلاثَاءِ لِسَبْعَةِ أَيَّامٍ مَضَتْ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ.
وَكَانَ خُرُوجُهُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ أَوَّلَ سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ قُدُومُهُ إِفْرِيقِيَّةَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ.
وَمَنَاقِبُهُ، رَحِمَه اللَّهُ، كَثِيرَةٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا بَلَغَنَا مِنْهَا فِي كِتَابِنَا الَّذِي أَلَّفْنَاهُ نَذْكُرُ فِيهِ مَنَاقِبَهُ وَسِيرَتَهُ فِي قَضَائِهِ.
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَذَكَرَ حَمْدِيسٌ الْقَطَّانُ أَنَّهُ سَمِعَ سُحْنُونَ بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: سَمِعَ مِنِّي الْعِلْمَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ أَهْلُ أَجْدَابِيَةَ، وَفِي تِلْكَ السَّنَةِ مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ اللَّبَّادِ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ سُحْنُونًا إِذَا ذَكَرَ صِفَاتِ الْقُضَاةِ الَّتِي وَصَفَهُمْ بِهَا غَيْرُهُ، يَقُولُ: وَيَكُونُ غَيْرَ مَخْدُوعٍ فِي عَقْلِهِ فَرُبَّمَا مَنْ تَكُونُ فِيهِ هَذِهِ الصِّفَاتُ إِذَا خُدِعَ انْخَدَعَ وَإِذَا اسْتُمِيلَ مَالَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ سُحْنُونًا يَقُولُ: قَالَ