للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانحدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انحدارا - وهو وادي حدور١ - وركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغلته البيضاء دلدل، ولبس درعين٢ والمغفر والبيضة، واستقبل الصفوف وطاف عليها بعضها خلف بعض ينحدرون في الوادي، فحضهم على القتال وبشرهم بالفتح إن صدقوا وصبروا، فبينا هم على ذلك ينحدرون في غلس الصبح.

فكان أنس بن مالك يحدث يقول: لما انتهينا إلى وادي حنين، وهو واد من أودية تهامة له مضايق وشعاب، فاستقبلنا من هوازن شيء، لا والله ما رأيت مثله في ذلك الزمان من السواد والكثرة! ...

فلما تحدرنا في الوادي، فبينا نحن في غلس الصبح، إن شعرنا إلا بالكتائب قد خرجت علينا من مضيق الوادي وشعبه فحملوا حملة واحدة، فانكشف أول الخيل - خيل سليم – مولية فولوا، وتبعهم أهل مكة، وتبعهم الناس منهزمين، ما يلوون على شيء٣.

? مهارة هوازن النادرة في إصابة الهدف بحيث لا يكاد يسقط لهم سهم.

وقد صرح بذلك حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - عند البخاري ومسلم وغيرهما، وهذا سياقه عند البخاري:

٥٩- حدثنا عمرو٤ بن خالد، ثنا زهير، حدثنا أبو إسحاق قال: سمعت البراء وسأله رجل٥: أكنتم فررتم يا أبا عمارة٦ يوم حنين؟ قال: لا والله ما٧ ولى


١ الحدر: من كلّ شيء تحدره من علو إلى أسفل، والحدور والهبوط: المكان ينحدر منه. (ابن منظور: لسان العرب ٥/٢٤٤) .
٢ درع الحديد - بالكسر- وقد تذكر جمع أدرع وأدراع ودروع. والمخفر كمنبر وبهاء ككتابة: زرد من الدرع يلبس تحت القلنسوة أو حلق يتقنع به المتسلح. والبيضة: هي التي تلبس في الرأس في الحرب. (الفيروز آبادي: القاموس المحيط ٢/١٠٣، ٣/٢٠، وابن حجر: هدي الساري ص٩١) .
(الواقدي: المغازي ٣/٨٩٥، ٨٩٧) .
٤ عمرو بن خالد: هو الحراني.
وزهير: هو ابن معاوية بن خديج.
وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي - بفتح المهملة وكسر الموحدة -.
ووقع في منتخب كنز العمال ٤/١٦٦: "عن ابن إسحاق" قال: رجل للبراء، وهو خطأ، والصواب "عن أبي إسحاق".
٥ قال ابن حجر: "لم أقف على تسميته، ووقع في رواية أنه من قيس". (فتح الباري ٨/٢٨) .
٦ أبو عمارة: كنية البراء - رضي الله عنه -.
٧سيأتي توجيه هذا النفي في مبحث (عوامل انتصار المسلمين) تحت حديث (٧٩) وص١٩٣- ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>