٢ قوله: "أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب"، فيه إشارة إلى أن صفة النبوة يستحيل معها الكذب، فكأنه يقول أنا النبي، والنبي لا يكذب، فلست بكاذبٍ فيما أقول حتى أنهزم، وأنا متيقن بأن الذي وعدني الله به من النصر، حق فلا يجوز علي الفرار. "وأما نسبته إلى عبد المطلب دون أبيه عبد الله" فكأنها لشهرة عبد المطلب بين الناس لما رزق من نباهة الذكر وطول العمر، بخلاف عبد الله فإنه مات شابا، ولهذا كان كثير من العرب يدعونه ابن عبد المطلب، كما قال ضمام بن ثعلبة لما قدم: "أيكم ابن عبد المطلب" وقيل: لأنه كان اشتهر بين الناس أنه يخرج من ذرية عبد المطلب رجل يدعو إلى الله ويهدي الله الخلق على يديه ويكون خاتم الأنبياء، فانتسب إليه ليتذكر ذلك من كان يعرفه، وقد اشتهر ذلك بينهم، وذكره سيف بن ذي يزن قديما لعبد المطلب قبل أن يتزوج عبد الله آمنة، وأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - تنبيه أصحابه بأنه لابد من ظهوره وأن العاقبة له، لتقوى قلوبهم إذا عرفوا أنه ثابت غير منهزم. (ابن حجر: فتح الباري ٨/٣١- ٣٢، والنووي: شرح صحيح مسلم ٤/٤٠٦، والزرقاني: شرح المواهب ٣/١٧، ٢٠- ٢١ وزاد: وفي الروض قال الخطابي: إنما خص عبد المطلب بالذكر في هذا المقام تثبيتا لنبوته وإزالة للشك لما اشتهر وعرف من رؤيا عبد المطلب المبشرة به - صلى الله عليه وسلم -، ولما أنبأت به الأحبار والكهان فكأنه يقول: أنا ذاك فلا بد ممّا وعدت به لئلا ينهزموا عنه ويظنوا أنه مغلوب أو مقتول، فالله أعلم أراد ذلك رسوله أم لا. إهـ. ثم قال الزرقاني: "فليس هذا من الافتخار بالآباء في شيء، وبفرض تسليمه فهو جائز في الحرب لإرهاب العدو". وانظر: الروض الأنف للسهيلي ٧/٢٠٦- ٢٠٧، والمواهب للقسطلاني ١/١٦٣، وفيض القدير للمناوي ٣/٣٨.