للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت: نعم، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، اقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك كما تقتل الذين يقاتلونك، فإنهم لذلك أهل.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أو يكفي الله يا أم سليم"؟

قال: ومعها خنجر، فقال لها أبو طلحة: ما هذا الخنجر معك يا أم سليم؟

قالت: خنجر أخذته، إن دنا مني أحد من المشركين، بعجته به.

قال: يقول أبو طلحة: ألا تسمع يا رسول الله ما تقول أم سليم للغميصاء١.

ومن طريقه أخرجه الطبري٢.

و انكباب المسلمين عل جمع الغنائم واشتغالهم بها، وذلك أن المسلمين حملوا على الكفار فلاذوا بالفرار تاركين أموالهم وعتادهم، فظن المسلمون أن الكفار انهزموا إلى غير رجعة، فأقبلوا على جمع الغنائم وحيازتها، فانتهز المشركون غفلة المسلمين فانهالوا عليهم من كل صوب يضربون ويطعنون، فانكشف المسلمون أمام المشركين لا يلوي أحد منهم على أحد، والكفار في آثارهم يطاردونهم. وهذا ما صرح به البراء بن عازب - رضي الله عنه - في حديثه عند البخاري ومسلم وغيرهما، وهذا سياق البخاري:

عن أبي إسحاق سمع البراء وسأله رجل من قيس: "أفررتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين؟ فقال: لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفر، كانت هوازن رماة٣، وإنا لما حملنا


(سيرة ابن هشام ٢/٤٤٦. والغميصاء: اسم أم سليم) .
(تاريخ الرسل والملوك ٣/٧٦) .
٣ وفي لفظ عند البخاري: "أن هوازن كانوا قوما رماة، وإنا لما لقيناهم حملنا عليهم فانهزموا، فأقبل المسلمون على الغنائم واستقبلونا بالسهام".
وعند مسلم والطبري: "وكانت هوازن يومئذ رماة وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا فأكببنا على الغنائم، فاستقبلونا بالسهام".
وعند أبي داود الطيالسي وأبي عوانة: "أن هوازن كانوا قوما رماة فلما لقيناهم وحملنا عليهم انهزموا، فأقبل الناس على الغنائم واستقبلونا بالسهام، فانهزم الناس".
وعند أبي عوانة أيضا: "أن هوازن كانوا قوما رماة وإنا لما التقينا انكشفوا، وأقبل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الغنائم، ورموهم بالسهام".
قال الحلبي: وسياق هذا الحديث يدل على أنّ المسلمين انهزموا مرتين: الأولى في أول الأمر، والثانية عند انكبابهم على أخذ الغنائم. (السيرة الحلبية ٣/٦٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>