للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير قال ابن لهيعة١، عن أبي الأسود٢، عن عروة٣.

وذكر موسى بن عقبة في "مغازيه" عن الزهري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فتح الله عليه مكة وأقر بها عينه، خرج إلى هوازن معه أهل مكة لم يغادر منهم أحداً ركباناً ومشاة حتى خرج النساء يمشين على غير دين نظارا ينظرون ويرجون الغنائم ولا يكرهون مع ذلك أن تكون الصدمة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.

قالوا: وكان معه أبو سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وكانت امرأته مسلمة وهو مشرك لم يفرق بينهما، قالوا: وكان رئيس المشركين يومئذ مالك بن عوف النصري ومعه دريد بن الصمة يرعش من الكبر، ومعه النساء والذراري والنعم، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن أبي حدرد عينا فبات فيهم فسمع مالك بن عوف يقول لأصحابه: "إذا أصبحتم فاحملوا عليهم حملة رجل واحد واكسروا أغماد سيوفكم واجعلوا مواشيكم صفا ونساءكم صفا". لما أصبحوا اعتزل أبو سفيان وصفوان وحكيم بن حزام وراءهم ينظرون لمن تكون الدائرة٤.

قالوا: ومر رجل من قريش بصفوان بن أمية فقال: أبشر بهزيمة محمد وأصحابه، فوالله لا يجتبرونها أبدا، فقال له صفوان: تبشرني بظهور الأعراب، فوالله لرب من قريش أحب إلي من رب من الأعراب٥، وغضب صفوان لذلك، قال


١ عبد الله بن لهيعة - بفتح اللام وكسر الهاء - ابن عقبة الحضرمي، أبو عبد الرحمن البصري، القاضي، صدوق من السابعة، خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما، وله في مسلم بعض شيء مقرون (ت ١٧٤) . /م د ت ق. (التقريب ١/٤٤٤، وتهذيب التهذيب ٥/٣٧٣- ٣٧٩) .
وقال الهيثمي: "ابن لهيعة فيه ضعف وحديثه حسن". مجمع الزوائد ٦/١٣٩، ١٧٣، ١٧٥، ١٩٠، ١٩٦) .
٢ هو: محد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي، أبو الأسود المدني، يتيم عروة، ثقة من السابعة، مات سنة بضع وثلاثين ومائة. /ع. (التقريب ٢/١٨٥، وتهذيب التهذيب ٩/٣٠٧) .
٣ تقدمت ترجمة عروة في حديث (٩) ، وترجمة موسى بن عقبة في حديث (٥٢) . والزهري في حديث (٣٢) .
٤ الدائرة: هي الدولة بالغلبة والنصر (ابن الأثير: النهاية ٢/١٤٠) .
٥ سيأتي أن معنى هذا قاله صفوان لما قال كلدة بن الحنبل "ألا بطل السحر".وفي تارخ الخميس٢/١٠٢ أن هذا القول قاله صفوان لكلدة ولرجل آخر ولأبي سفيان بن حرب وكان أبو سفيان لما انهزم المسلمون في أول القتال استبشر وقال: غلبت هوازن لا يردهم شيء إلاّ البحر، وكان أبو سفيان أسلم يوم الفتح لكن لم يتصلب فيه بعد وكان هو وابنه معاوية يومئذ من المؤلفة قلوبهم وبعد ذلك حسن إسلامهما.
وقال: "أراد صفوان: برب من قريش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبرب من هوازن رئيسهم مالك بن عوف"إهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>