للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موسى، ثنا يوسف١ بن صهيب، عن عبد الله٢ بن بريدة، عن أبيه٣ قال:

"تفرق الناس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين، فلم يبق إلا رجل يقال له زيد٤، وهو آخذ بعنان٥ بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشهباء٦، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:


١ يوسف بن صهيب الكندي، الكوفي، ثقة من السادسة/ د ت س. (التقريب ٢/٣٨١، وتهذيب التهذيب ١١/٤١٥) .
٢ عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي، أبو سهل المروزي، قاضيها، ثقة، من الثالثة (ت ١٠٥، وقيل: ١١٥) . /ع. (المصدر السابق ١/٤٠٣- ٤٠٤، و٥/١٥٧) .
٣ هو: بريدة بن الحصيب - بمهملتين مصغرا - أبو سهل الأسلمي، صحابي، أسلم قبل بدر (ت٦٣) /ع. (التقريب١/٩٦،تهذيب التهذيب١/٤٣٢- ٤٣٣) .
٤ لعله زيد بن الأرقم الأنصاري الخزرجي، فقد جاء عند الطبراني في معجمه الكبير ٥/٢١٥ عن زيد بن أرقم قال: انهزم الناس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين فقال:
أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٦/١٨٢: "رواه الطبراني ورجاله ثقات".
٥ العنان: ككتاب: سير اللجام الذي تمسك به الدابة، جمعه أعنة وعنن. (القاموس المحيط ٤/٢٤٩) .
وثبت في الأحاديث المستفيضة أن الذي كان ملازما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآخذا بلجام البغلة وركابها هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وكان العباس هو الذي نادى المهاجرين والأنصار، ولعل هؤلاء الثلاثة كانوا يتناوبون ذلك أو أن كل واحد منهم آخذا من جهة.
٦ قوله: "على بغلة شهباء"، وكذا جاء في حديث عند الطبراني في الأوسط، وفي حديث سلمة بن الأكوع عند مسلم، وفي حديث البراء عند أبي يعلى والروياني، وحديث العباس عند ابن سعد وأحمد والطبري والعسكري في الأمثال، وحديث عبد الرحمن مولى أم برثن عند الطبري. قال ابن حجر: وقع عند مسلم من حديث العباس "وكان على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي"، وله من حديث سلمة بن الأكوع "وكان على بغلته الشهباء".
ووقع عند ابن سعد وتبعه جماعة ممن صنفوا في السيرة أنه كان على بغلته "دلدل" - بدالين مضمومتين- وفيه نظر، لأن "دلدل" أهداها له المقوقس.
وقد ذكر القطب الحلبي: أنه استشكل عند الدمياطي ما ذكره ابن سعد، فقال له: كنت تبعته فذكرت ذلك في السيرة، وكنت حينئذ سيريا محضا، وكان ينبغي لنا أن نذكر الخلاف، ثم قال القطب الحلبي: يحتمل أن يكون يومئذ ركب كلا من البغلتين إن ثبت أنها كانت صحبته، وإلا فما في الصحيح أولى.
ثم قال ابن حجر: وقد أغرب النووي فقال: وقع عند مسلم "على بغلته البيضاء"، وفي أخرى "الشهباء" وهي واحدة، ولا نعرف له بغلة غيرها، قال ابن حجر: وتعقب بـ: "دلدل" فقد ذكرها غير واحد، لكن قيل: إن الاسمين لواحدة. وقال في حديث أنس بن مالك الذي فيه "أن ملك أيلة أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء"، قال: ومما ينبه عليه هنا أن البغلة البيضاء التي كان عليها في حنين غير البغلة البيضاء التي أهداها له ملك أيلة، لأن ذلك كان في تبوك، وغزوة حنين كانت قبلها، وقد وقع في مسام من حديث العباس أن البغلة التي كانت تحته في حنين أهداها له فروة بن نفاثة، وهذا هو الصحيح.
وذكر أبو الحسين بن عبدوس أن البغلة التي ركبها يوم حنين "دلدل" وكانت شهباء أهداها له المقوقس، وأن التي أهداها له فروة يقال لها: فضة، ذكر ذلك ابن سعد، والصحيح ما في مسلم. إهـ. كلام ابن حجر.
وقال الزرقاني: "وقع في رواية لأحمد وأبي داود وغيرهما من حديث أبي عبد الرحمن الفهري أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يومئذ على فرس. قال الشامي: وهي شاذة، والصحيح أنه كان على بغلة".
ثم قال الزرقاني: "ويحتمل أنه عبر عنها بالفرس مجازا لشبهها به في الإقدام، بحيث كان العباس يكفها، ونزوله بعد انخفاضها به، وأخذه الحصى ورميهم به، فلا تنافي".
(انظر: ابن حجر: فتح الباري ٦/٧٥ و٨/٣٠، والنووي: شرح صحيح مسلم ٤/٤٠٠-٤٠١، وابن سعد: الطبقات الكبرى ٢/١٥٠، والزرقاني شرح المواهب اللدنية ٣/٩- ١٠، ١٣- ١٤، والسهيلي: الروض الأنف ٧/٢١٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>