للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين لم يقوموا لنا حلب١ شاة، قال: فلما كشفناهم جعلنا نسوقهم في أدبارهم، حتى انتهينا إلى صاحب البغلة البيضاء، فإذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فتلقانا عنده رجال بيض، حسان الوجوه، فقالوا لنا: شاهت الوجوه ارجعوا، قال فانهزمنا وركبوا أكتافنا، فكانت إياها" ٢

والحديث حسن لذاته وجهالة الرجل لا تضر لأن الظاهر أنه أسلم وحدث عبد الرحمن بهذه القصة، جهالة الصحابي لا تضر لأنهم كلهم عدول، وقد قال ابن حجر: "بأن عبد الرحمن روى عن رجل من الصحابة ولم يسمه٣ فالظاهر أنه هذا". والله أعلم.

وتقدم في حديث عثمان بن شيبة العبدري أنه قال: خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين والله مال أخرجني إسلام ولا معرفة به، ولكن أبيت أن تظهر هوازن على قريش، فقلت وأنا واقف معه: يا رسول الله إني أرى خيلا بلقا، فقال: "يا شيبة إنه لا يراها إلا كافر" الحديث٤.

٨٩- وقال ابن إسحاق: حدثني أبي إسحاق٥ بن يسار أنه حدث عن جبير٦ بن مطعم قال: لقد رأيت قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون مثل البجاد٧ الأسود أقبل من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم، فنظرت فإذا نمل أسود مبثوث قد


١ قوله: لم يقوموا لنا حلب شاة: أي مقدار حلبها بل ولوا من رشق النبل ونيتهم العود. (شرح المواهب ٣/١٥) .
(الطبري: جامع البيان ١٠/١٠٣- ١٠٤) .
(تهذيب التهذيب ٦/١٣٤) .
٤ تقدم الحديث برقم (٦٦) .
٥ إسحاق بن يسار المدني والد ابن إسحاق، ثقة من الثالثة /مد. (ابن حجر: التقريب ١/٦٢ وتهذيب التهذيب ١/٢٥٧) .
٦ جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي النوفلي، صحابي عارف بالأنساب (ت٥٨ أو ٥٩) /ع. (المصدر السابق ١/١٢٦ و٢/٦٣- ٦٤) .
٧ أورد ابن الأثير في النهاية١/٩٦ هذا الحديث وقال: "البجاد الكساء وجمعه بجد، أراد الملائكة التي أيدهم الله بهم" وقال الزرقاني: البجاد بالموحدة المكسورة والجيم الخفيفة آخره دال مهملة: الكساء. ثم نقل قول ابن الأثير وقال: لأنه لكثرتهم واختلاط بعضهم ببعض صاروا كالبجاد المتصل أجزاؤه بنسجه، وروى الواقدي عن شيوخ من الأنصار قالوا: رأينا يومئذ كالبجد السود هوت من السماء ركاما فنظرنا فإذا نمل مبثوث فإن كنا ننفضه عن ثيابنا فكان نصر الله أيدنا به. وانظر الروض الأنف للسهيلي ٧/٢١٢.
ثم قال الزرقاني: قال شيخنا: "ولعل نزول الملائكة في صورة النمل ليظهر للمسلمين فيسألوا عنه، ويتوصلوا بذلك للعلم بهم، فيعلموا من ذلك من معجزاته فيقوى بذلك إيمانهم" (شرح المواهب٣/١٦) . وانظر مغازي الواقدي٣/٩٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>