للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمي، ثم أقبل الناس، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "ألا رجل صَيّت١ ينطلق فينادي في القوم"، فانطلق رجل٢ فصاح، فما هو إلا أن وقع صوته في أسماعهم، فأقبلوا راجعين فحمل النبي - صلى الله عليه وسلم - وحمل المسلمون معه، فانهزم المشركون وانحاز دريد بن الصمة على جبيل.

أو قال: على أكمة في زهاء ستمائة، فقال له بعض أصحابه: أرى والله كتيبة قد أقبلت، فقال: "حلوهم٣ لي، فقالوا: سيماهم كذا حليتهم كذا، قال لا بأس عليكم، قُضاعة٤. منطلقة في آثار القوم، قالوا: نرى والله كتيبة خشناء قد أقبلت، قال: حلوهم لي: قالوا: سيماهم كذا من هيئتهم كذا، قال: لا بأس عليكم هذه سليم٥، قالوا: نرى فارسا قد أقبل، فقال: ويلكم وحده، فقالوا: وحده، قال: حلوه لي، قالوا: معتجر بعمامة سوداء قال دريد: ذاك -والله-الزبير٦ بن العوام وهو - والله - قاتلكم ومخرجكم من مكانكم هذا، قال فالتفت إليهم، فقال: علام، هؤلاء ها هنا؟ فمضى ومن أتبعه، فقتل بها ثلاثمائة وجز رأس دريد٧


١ صيت: بفتح المهملة، وتشديد المثناة التحتية: أي مرتفع الصوت. (المعجم الوسيط١/٥٢٨) .
٢ وقع في صحيح مسلم وغيره أن الذي أمر بذلك هو العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان شديد الصوت.
٣ حلوهم لي: اذكروا لي حليتهم وصفوهم لي، وقد وقع في فتح الباري ٨/٤٢ وشرح المواهب اللدنية ٣/٢٣: خلوهم لي فخلوهم: بالخاء المعجمة وهو خطأ.
٤ قضاعة: شعب عظيم يشتمل على قبائل كثيرة، منهم: كلب وبلى وجهينة وغيرها، وقد اختلف في قضاعة فقيل إنه من معد وقيل: من اليمن.
(ابن الأثير: تهذيب الأنساب٣/٤٣، قلت: فعلى أنها من معد فهم: قضاعة بن معد بن عدنان، وعلى أنها من اليمن: فهم قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير قال القلقشندي: وهو المشهور فيه وعليه جرى الكلبي وابن إسحاق وغيرهما وقال السهيلي: أكثر النسابين على أن قضاعة هو ابن معد، وهو مذهب الزبيريين وابن هشام. معجم قبائل العرب: ٣/٩٥٧) .
٥ يعني بني سليم وسليم هوابن منصور.
٦ الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب أبو عبد الله القرشي، الأسدي، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة قتل سنة (٣٦) بعد منصرفه من وقعة الجمل. /ع. (ابن حجر التقريب ١/٢٥٩ وتهذيب الهذيب ٣/٣١٨) .
٧ قال ابن حجر: "واختلف في قاتل دريد فجزم محمد بن إسحاق بأنه ربيعة بن رفيع-بالفاء مصغرا-ابن وهبان بن ثعلبة بن ربيعة السلمي، وكان يقال له ابن الدغنة". وفي حديث البزار هذا ما يشعر بأن قاتل دريد بن الصمة هو الزبير بن العوام.
ثم قال ابن حجر: "ويحتمل أن يكون ابن الدغنة كان في جماعة الزبير فباشر قتله فنسب إلى الزبير مجازا". وفي الصحيحين من حديث البخاري ومسلم من حديث أبي موسى الأشعري قال: لما فرغ النبي - صلى الله عليه وسلم من - حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس فلقي دريد بن الصمة، فقتل دريد وهزم الله أصحابه قال ابن حجر: كذا رويناه على البناء للمجهول. (فتح الباري ٨/٤٢) .
وفي الإصابة: قال: وفي حديث أبي موسى الأشعري، عند مسلم، أنه الذي قتل دريد بن الصمة بعد أن قتل دريد عمه أبا عامر الأشعري لكن ذكر ابن إسحاق أن الذي قتله أبو موسى هو سلمة بن دريد بن الصمة وهذا أسبه، فإن دريد بن الصمة إذ ذاك لم يكن ممن قاتل لكبر سنه. (الإصابة: ١/٥٠٧) .
قلت: لم أجد هذا اللفظ في مسلم في النسخ الموجودة بين أيدينا مع شروحها، والذي فيها هو البناء للمجهول. وسيأتي حديث الصحيحين برقم (١١٨) ووقع ذلك عند الطبري بإسناد صحيح عن أبي بردة عن أبيه قال: "ولما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس فلقي دريد بن الصمة، فقتل دريدا، وهزم الله أصحابه" أهـ. وما قدمه ابن حجر من الجمع في قاتل دريد هو الأظهر.
(انظر: سيرة ابن هشام ٢/٤٥٣-٤٥٤. والروض الأنف للسهيلي ٧/١٧٧ و١٧٨-١٧٩. وتاريخ الرسل والملوك للطبري ٣/٧٩. وأسد الغابة لابن الأثير ٢/٢١١. وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ٣/٢٣. وانظر حديث (١١٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>