للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر يزيد بن زمعة فيمن استشهد بالطائف١.

هذا ما وقفت عليه في عدد شهداء المسلمين في غزوة حنين.

وبعض٢ الباحثين المعاصرين يستبعد ذلك ويرى أن قتلى المسلمين في هذه الغزوة يبلغون المئات، مستدلا بشدة المعركة وضراوتها وانهزام المسلمين في بداية المعركة أمام نبال قبائل هوازن التي صبت عليهم وادعي أن المؤرخين سجلوا ما نقله الرواة بأمانة لكن واقع المعركة وجودها يقتضي مزيدا من الضحايا، وأخذ يذكر أنه لا يوجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم قسم إداري يهتم بإحصاء عدد القتلى ويقدم بهم قوائم وفق النظام المتبع في الجيوش العصرية، ولا يوجد ديوان إحصاء للجند يسجل فيه المنخرطون في سلك الجيش الإسلامي، بحيث يمكن الرجوع إلى هذا السجل لمعرفة عدد الشهداء المفقودين، وأضاف أن الجيش الإسلامي مؤلف من قبائل متفرقة فلما انتهت المعركة عادوا إلى أماكنهم كل قبيلة تعرف شهداءها، وفات تسجيل ذلك على المؤرخين لأن الاهتمام بتدوين أخبار المغازي والحروب الإسلامية لم يكن إلا في أواسط القرن الثاني الهجري، فلا يتمكن العلماء في هذا الزمن المتأخر من الاتصال بأولئك البدو المتفرقين في جنبات الجزيرة.

هذه خلاصة أدلة هذا الباحث في استبعاد أن يكون شهداء المسلمين في هذه الغزوة أربعة فقط كما ذكر ذلك المؤرخون المختصون بذلك.

والظاهر أن ما ذكره من الأدلة غير مسلم به في جملته لأن فرار المسلمين أمام نبال هوازن لا يلزم منه كثرة القتل في المسلمين وإنما يلزم منه كثرة الإصابات من جراحات وغير ذلك، ولأن عدم وجود قسم إداري يهتم بالإحصاء وعدم وجود سجل يدون فيه عدد الجيش الإسلامي لا يلزم منه هذه المفارقات الكبيرة في تسجيل الأحداث، ذلك أنّ المؤرخين المختصين قالوا: إن عدد القتلى أربعة فقط وصاحب هذه


(مغازي الواقدي ٣/٩٢٢، والطبقات الكبرى لابن سعد ٢/١٥٢، وهكذا ذكر الزبير بن بكار: يزيد بن زمعة في شهداء الطائف. انظر: أسد الغابة لابن الأثير ٥/٤٨٨)
٢ هو: محمّد أحمد باشميل. انظر: (كتابه: غزوة حنين، ص: ٣٥٥-٣٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>