للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقتلاه، وولي الناس١ أبو موسى الأشعري فحمل عليهما فقتلهما، فقال رجل من بني جشم بن معاوية يرثيهما:

إن الرزية قتل العلاء ... وأوفى جميعا ولم يسندا ٢

هما القاتلان أبا عامر ... وقد كان ذا هبة ٣ أربدا٤

هما تركاه لدى معرك ... كأن على عطفه مجسدا ٥

فلم تر في الناس مثليهما ... أقل عثارا وأرمى يدا ٦

وقد نسب ابن حجر لابن إسحاق نحو هذا.

فقال: ذكر ابن إسحاق في المغازي أن أبا عامر لقي يوم أوطاس عشرة من المشركين أخوة فقتلهم واحدا بعد واحد، حتى كان العاشر فحمل عليه وهو يدعوه إلى الإسلام وهو يقول: "اللهم اشهد عليه", فقال الرجل: "اللهم لا تشهد علي", فكف عنه أبو عامر ظنا منه أنه أسلم فقتله العاشر, ثم أسلم بعد فحسن إسلامه, فكان النبي صلى الله عليه وسلم يسميه شريد٧ أبي عامر٨.

ثم عقب ابن حجر على هذا فقال: "وهذا يخالف الحديث الصحيح في أن أبا موسى قتل قاتل أبى عامر, وما في الصحيح أولى بالقبول, ولعل الذي ذكره ابن إسحاق شارك في قتله"٩.


١ قوله: "وولي الناس أبو موسى الأشعري" أي: أقروا ولايته على استخلافه عمه, كما في الصحيح أن أبا عامر استخلف أبا موسى, انظر ص ٢٥٨ والزرقاني: شرح المواهب ٣/٢٥.
٢ لم يسندا: أي لم يدركا وبهما رمق فينسدا إلى ما يمسكهما.
٣ ذاهبة: يعني سيفا ذاهبة, وهبة السيف: اهتزازة.
٤ أربدا: الأربد: الذي فيه ربد, أي طرائق من جوهر.
٥ المعرك: موضع الحرب، والمجسد: الثوب المسبوغ بالجساد. وهو الزعفران. (القاموس المحيط ١/١٣٨ و٢٩٣ و٣٠٣ و٣/٣١٣) .
٦ سيرة ابن هشام ٢/٤٥٧ والروض الأ نف للسهيلي، ٧/١٨١ وقد نسب ابن كثير هذا لابن إسحاق، وهو خلاف ما في سيرة ابن هشام والروض الأنف (انظر البداية والنهاية ٤/٣٣٨) .
٧ شريد: بالراء، وفي فتح الباري (شهيد) قال الزرقاني: وقع في خط الحافظ ابن حجر بالهاء بدل (الراء) وهو سبق قلم، فالذي في سيرة ابن إسحاق التي هو ناقل عنها (بالراء) وهو الوجيه، وبالهاء لا وجه له (شرح المواهب ٣/٢٥) .
٨ وعلى هذا يكون لابن إسحاق في قاتل أبي عامر قولان: الأول أنه سلمة بن دريد وقد قتله أبو موسى، والثاني: أنه عاشر الإخوة، وقد أسلم بعد وحسن إسلامه.
٩ فتح الباري ٨/٤٣ وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ٣/٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>