قال:"قلت ادخلوا في الإسلام، والله لا يبرح محمد عقر داركم حتى تنزلوا فخذوا لأنفسكم أمانا، قد نزل بساحة أهل الحصون قبلكم قينقاع والنضير وقريظة وخيبر أهل الحلقة والعدة والآطام فخذلتهم ما استطعت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت عنه، حتى إذا فرغ من حديثه، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذبت! قلت لهم كذا وكذا للذي قال. قال عيينة:"أستغفر الله! "
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله، دعني أقدمه فأضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يتحدث الناس أني أقتل أصحابي" ويقال: أن أبا بكر - رضي الله عنه - أغلظ له يومئذ وقال:"ويحك يا عيينة! إنما أنت أبدا توضع في الباطل، كم لنا منك من يوم بني النضير وقريظة وخيبر، تجلب علينا وتقاتلنا بسيفك ثم أسلمت كما زعمت فتحرض علينا عدونا! "
قال:"أستغفر الله يا أبا بكر وأتوب إليه، لا أعود أبدا"١!
وكان استعصاء ثقيف وعدم استسلامهم في ذلك الوقت هو أن الله - جل وعلا - لم يأذن في فتح الطائف حينئذ وأن ثقيفاً ستأتي معلنة إسلامها وولاءها للمسلمين عما قريب بدون مشقة وقتال، ولذا فقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصحابة بترك حصار الطائف ولما رأى في أصحابه الرغبة في مواصلة القتال والتصميم على الفتح، أذن لهم في ذلك وقال: اغدوا على القتال، فغدوا فأصابتهم جراحات شديدة من وقع نبال ثقيف فأعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته في ترك الحصار، ففرح الصحابة بذلك وعملوا أن ما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الصواب، وسارعوا إلى الرحيل، طالبين من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو على ثقيف جزاء صنيعهم السيئ ضد المسلمين، فقال صلى الله عليه وسلم "اللهم اهد ثقيفا" وقد ذكر ابن كثير الحكمة في تأخير الفتح عامئذ فقال:
وكانت الحكمة الإلهية تقتضي أن يؤخر الفتح عامئذ لئلا يستأصلوا قتلا، لأنه قد تقدم أنه عليه السلام لما كان خرج إلى الطائف فدعاهم إلى الله تعالى وإلى أن يؤووه حتى يبلغ رسالة ربه عز وجل وذلك بعد موت عمه أبي طالب، فردوا عليه قوله وكذبوه، فرجع مهموما فلم يستفق إلا عند قرن الثعالب، فإذا هو بغمامة وإذا فيها جبريل