للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه: "فلما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم، وأتى الجعرانة فقسم بها مغانم حنين، وتألف أناساً من الناس فيهم أبو سفيان بن حرب والحارث ابن هشام، وسهيل بن عمرو، والأقرع بن حابس، فقالت الأنصار: حن الرجل إلى قومه، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في قبة له من أدم، فقال: يا معشر الأنصار، ما هذا الذي بلغني ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله، وكنتم أذلة فأعزكم الله١ وكنتم وكنتم، قال: فقال: سعد بن عبادة - رضي الله عنه -: ائذن لي فأتكلم، قال: تكلم، قال: أما قولك: كنتم ضلالا فهداكم الله، كنا كذلك، وكنتم أذلة فأعزكم الله، فقد علمت العرب ما كان حي من أحياء العرب أمنع لما وراء ظهورهم منا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا سعد أتدري من تكلم". فقال: نعم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لو سلكت الأنصار وادياً والناس وادياً لسلكت وادياً الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار".

وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "الأنصار كرشي وعيبتي، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم".

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الأنصار أما ترضون أن ينقلب الناس بالإبل والشاء، وتنقلبون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيوتكم؟ ".

فقالت الأنصار: "رضينا عن الله ورسوله، والله ما قلنا ذلك إلا حرصا على


١ قوله: "وكنتم أذلة فأعزكم الله"، هذه الجملة جاءت في حديث أبي سعيد الخدري وكان جواب الأنصار: "صدق الله ورسوله" انظر ص ٤٢٩ وفي هذا الحديث فقال سعد بن عبادة "فقد علمت العرب ما كان حي من أحياء العرب أمنع لما وراء ظهورهم منا" وكلا الحديثين ضعيف.
والأحاديث الصحيحة لم ترد فيها هذه الجلمة "وكنتم أذلة فأعزكم الله" كما أن هذا الجواب من سعد بن عبادة لم يرد في الأحاديث الصحيحة وقد تفرد بها قتادة وسندها ضعيف، ولا شك أن عزة الإسلام أرفع وأمنع من المنعة والحمية التي كان عليها الأنصار قبل الإسلام، وما كان لسعد بن عبادة في يقينه وعظيم إيمانه أن يخفى عليه ذلك، ولا أن يجيب الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الجواب، وبخاصة أن الروايات الصحيحة لم ترد فيها الجملة وقد سلم الأنصار لكل ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>