للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إخوانكم هؤلاء جاءونا تائبين١، وإني أردت أرد إليهم سبيهم، فمن أحب منكم أن يطيب٢ ذلك فليفعل، ومن أحب أن يبقى على حظه حتى نعطيه إياه من أوّل ما يفئ٣ الله علينا فليفعل"، فقال الناس: طيبنا٤ يا رسول الله لهم٥، فقال لهم:


١ وفي لفظ للبخاري وأحمد والبيهقي "فإن إخوانكم قد جاءونا تائبين" قال ابن حجر: "قال ابن بطال: كان الوفد رسلاً من هوزان، وكانوا وكلاء وشفعاء في رد سبيهم، فشفعهم النبي صلى الله عليه وسلم فيهم، فإذا طلب الوكيل أو الشفيع لنفسه ولغيره فأعطي ذلك فحكمه حكمهم، وقال الخطابي: فيه أن إقرار الوكيل على موكله مقبول؛ لأن العرفاء بمنزلة الوكلاء فيما أقيموا له من أمرهم، وبهذا قال أبو يوسف، وقيده أبو حنيفة ومحمد بالحاكم".
وقال مالك والشافعي وابن أبي ليلى: لا يصح إقرار الوكيل على الموكل، قال ابن حجر: "وليس في الحديث حجة للجواز لأن العرفاء ليسوا وكلاء وإنما هم كالأمراء عليهم، فقبول قولهم في حقهم بمنزلة قبول قول الحاكم في حق من هو حاكم عليه". (فتح الباري ٤/٤٨٤) .
٢ يطيب: بضم أوله وفتح الطاء المهملة، وتشديد التحتانية المكسورة، والمعنى فمن أحب منكم أن يعطيه عن طيب نفس منه من غير عوض فليفعل. (المصدر السابق ٨/٣٤ وعون المعبود ٧/٣٥٨ وقال السهيلي: "عوض رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم تطب نفسه بالرد مما كان بيده واستطاب نفوس الباقين، وذلك أن المقاسم كانت قد وقعت فيهم فلا يجوز للإمام أن يمن على الأسرى بعد القسم، ويجوز له ذلك قبل المقاسم، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بأهل خيبر حين من عليهم، وتركهم عمالا للمسلمين في أرضهم التي افتتحوها عنوة" (الروض الأنف ٧/٢٨١) .
٣ يفيء: بفتح أوله ثم فاء مكسورة وهمزة بعد التحتانية الساكنة، أي يرجع إلينا من مال الكفار من خراج أو غنيمة أو غير ذلك، ولم يرد الفيء الاصطلاحي وحده (فتح الباري ٥/١٧٨) .
وقال ابن الأثير: "أراد بما يفيئه الله عليه: الخمس الذي جعله الله له من الفيء خاصة دون الناس، فإنه يعطي كل من أخذ منه شيئاً عوضه من ذلك". (جامع الأصول ٨/٤٠٩) .
قال ابن حجر: "واستدل بالحديث على القرض إلى أجل مجهول، لقوله "حتى نعطيه من أوّل ما يفيء الله علينا" (فتح الباري ٤/٤٨٤) .
٤ طيبنا: بتشديد التحتانية وسكون الباء الموحدة، أي رضينا بذلك. وفي رواية موسى بن عقبة "فأعطى الناس ما بأيديهم، إلا قليلاً من الناس سألوا الفداء" وفي رواية عمرو بن شعيب "فقال المهاجرون: "ما كان لنا فهو لرسول الله، وقالت الأنصار: وما كان لنا فهو لرسول الله، وقال الأقرع بن حابس: "أما أنا وبنو تميم فلا، وقال عيينة: اما أنا وبنو فزارة فلا".
وقال عباس بن مرداس: "أما أنا وبنو سليم فلا، فقالت بنو سليم: بل ما كان لنا فهو لرسول الله".
قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تمسك منكم بحقه فله بكل إنسان ست فرائض من أول فيء نصيبه". (فتح الباري ٨/٣٤ ودلائل النبوة للبيهقي٣/٥٤أوانظر: حديث عمرو بن شعيب ص (٤٤١) .
قال ابن قيم الجوزية: "ولم يتخلف منهم أحد غير عيينة بن حصن فإنه أبى أن يرد عجوزا صارت في يده ثم ردها بعد ذلك" (زاد المعاد ٣/٤٧٦) .
٥ وفي لفظ عند البخاري والبيهقي "قد طيبنا ذلك يا رسول الله لهم". وفي لفظ عند البخاري أيضا وأحمد "قد طيبنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>