للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسعود الثقفي، حتى أدركه قبل أن يصل إلى المدينة، فأسلم وسأله أن يرجع إلى قومه بالإسلام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما يتحدث قومه - إنهم قاتلوك، وعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن فيهم نخوة١ الامتناع الذي كان منهم، فقال عروة: "يا رسول الله أنا أحب إليهم من أبكارهم٢.

-وكان فيهم كذلك محببا مطاعا - فخرج يدعو قومه إلى الإسلام رجاء أن لا يخالفوه، لمنتزلته فيهم، فلما أشرف لهم على علية٣ له، وقد دعاهم إلى الإسلام، وأظهر لهم دينه، رموه بالنبل من كل وجه، فأصابه سهم فقتله، فتزعم بنو مالك أنه قتله رجلا منهم، يقال له أوس بن عوف٤، أخو بني سالم بن مالك.

وتزعم الأحلاف أنه قتله رجل منهم، من بني عتاب بن مالك، يقال له وهب بن جابر٥".

فقيل لعروة: "ما ترى في دمك؟ " قال: "كرامة أكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله إلي، فليس في إلا ما في الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يرتحل عنكم، فادفنوني معهم، فدفنوه معهم٦ فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيه:


١ نخوة الامتناع: "أي كبر وعجب، وأنفة وحمية (النهاية ٥/٣٤) .
٢ قال ابن هشام: "ويقال من أبصارهم".
٣ العلية: "بضم العين وكسرها وتشديد التحتية: "الغرفة". وعند الواقدي وابن سعد "حتى إذا طلعت الفجر أوفى على غرفة فأذن بالصلاة". (القاموس المحيط٤/٣٦٦ ومختار الصحاح ص٤٥٣ وشرح المواهب اللدنية٤/٧) .
٤ أوس بن عوف بن جابر بن سفيان بن عبد ياليل بن سالم بن مالك بن حطيط من جشم بن ثقيف، كذا نسبه ابن حبان في الصحابة، وقال: "كان في وفد ثقيف"، وزعم أبو نعيم: "أنه: "هو أوس بن حذيفة، نسب إلى عوف أحد أجداداه، وليس كذلك لاختلاف النسبين، وعند الدارمي أن قاتله: "أوس بن أبي أوس الثقفي وأوس ابن أبي أوس هو أوس بن حذيفة"، وانظر ترجمة أوس والخلاف في ذلك في حديث (٢٢١) ص ٤٧٢ و (الإصابة ١/٨٦ وأسد الغابة ١/١٧٤) .
وقال الواقدي: "والأثبت عندنا أن قاتله أوس بن عوف" (المغازي ٣/٩٦١، وطبقات ابن سعد ٥/٥١٠.
٥ في شرح المواهب ٤/٧: "وهب بن جارية".
٦ وعند ابن سعد "فرماه رجل من بني مالك يقال له أوس بن عوف، فأصاب أكحله فلم يرقأ دمه، وقام غيلان بن سلمة وكنانة بن عبد ياليل والحكم بن عمرو بن وهب ووجوه الأحلاف، فلبسوا السلاح وحشدوا، فلما رأى عروة ذلك"، قال: "قد تصدقت بدمي على صاحبه لأصلح بذلك بينكم، وهي كرامة أكرمني الله بها وشهادة ساقها الله إلي"، وقال: "ادفنوني مع الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم" (الطبقات الكبرى ١/٣١٢و٥/٤٠٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>