للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ذكر ما قاله البخاري والذهبي وابن حجر في هذا الحديث، ثم قال: "فإذا عرفت هذا ظهر لك أن حجة الجمهور في إباحة صيد وج، وشجره كون الحديث لم يثبت، والأصل براءة الذمة١".

وبهذا يكون صيد وج وشجره حلالا، لعدم نهوض الدليل الدال على المنع من ذلك".

وخير ما نختم به هذا المبحث أن نذكر بعضا من الأحكام الفقهية التي ذكرها العلامة ابن قيم الجوزية فقال:

وفي قصة هذا الوفد من الفقه أن الرجل من أهل الحرب إذا غدر بقومه وأخذ أموالهم، ثم قدم مسلما، لم يتعرض له الإمام، ولا لما أخذه من المال ولا يضمن ما أتلفه قبل مجيئه من نفس ولا مال، كما لم يتعرض النبي صلى الله عليه وسلم لما أخذ المغيرة من أموال الثقفيّين، ولا ضمن أتلفه عليهم، وقال "أما الإسلام فأقبل، أما المال فلست منه في شيء٢، ومنها جواز إنزال المشرك في المسجد٣، ولا سيما إذا كان يرجو إسلامه، وتمكينه من سماع القرآن، ومشاهدة أهل الإسلام وعبادتهم".

ومنها: "حسن سياسة الوفد، وتلطفهم حتى تمكنوا من إبلاغ ثقيف ما قدموا به فتصوروا لهم بصورة المنكر لما يكرهونه الموافق لهم فيما يهوونه حتى ركنوا إليهم واطمانوا فلما علموا أنه ليس لهم بد من الدخول في دعوة الإسلام أذعنوا، فأعلمهم الوفد أنهم بذلك قد جاؤوهم ولو فاجؤوهم به من أول وهلة لما أقروا به، ولا أذعنوا، وهذا من أحسن الدعوة وتمام التبليغ، ولا يتأتي إلا مع ألباء الناس وعقلائهم".

ومنها: "أن المستحق لإمرة القوم وإمامتهم أفضلهم وأعلمهم بكتاب الله وأفقههم في دينه".


١ أضواء البيان ٢/١٦٧ وانظر: "عون المعبود ٦/١٢-١٥ وشرح المواهب ٤/١٠".
٢ أصل القصة المغيرة هذه في صحيح البخاري ٣/١٧٠ كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط، وقد تقدم ص ٤٦٥ تعليقاته (٥) .
٣ في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خيلا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد". الحديث ١/٨٣ كتاب الصلاة باب الاغتسال إذا أسلم وربط الأسير أيضا في المسجد".

<<  <  ج: ص:  >  >>