للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ولم يقل: "وتسلم، فلم يجيء عنه اشتراط إسلام المسبية في موضع واحد البتة"١".

وقال في أثناء الكلام على سبايا بنى المصطلق في وقوع جويرية أم المؤمنين في سهم ثابت بن قيس وهي من صريح العرب، ولم يكونوا يتوقفون في وطء سبايا العرب على الإسلام، بل كانوا يطؤونهن بعد الاستبراء، وأباح الله لهم ذلك، ولم يشترط الإسلام، بل قال تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} ، [النساء، من الآية: "٢٤] . فأباح وطء ملك اليمين، وإن كانت محصنة إذا انقضت عدتها بالاستبراء".

وقال له سلمة بن الأكوع، لما استوهبه الجارية الفزارية من السبي: "والله يا رسول الله: "لقد أعجبتني، وما كشفت لها ثوبا"٢ ولو كان وطؤها حراما قبل الإسلام عندهم، لم يكن لهذا القول معنى، ولم تكن قد أسلمت، لأنه قد فدى بها ناسا من المسلمين بمكة، والمسلم لا يفادى به، وبالجملة فلا نعرف في أثر واحد قط اشتراط الإسلام منهم قولا أو فعلا في وطء المسبية، فالصواب الذي كان عليه هديه وهدي أصحابه استرقاق العرب، ووطء إمائهن المسبيات بملك اليمين من غير اشتراط الإسلام"٣". إهـ".

وهذا الذي ذهب إليه ابن القيم واضح في غاية الوضوح، وقد رجحه الشوكاني أيضا٤".

ومما اختلفوا فيه، في هذا الباب:

١- هل جواز وطء المسبية وانفساخ نكاحها من زوجها الكافر، مشروط بسبيها وحدها، أو ذلك يحصل ولو سبيت مع زوجها؟

ذهب الشافعي إلى العموم فقد نقل عنه البيهقي قوله: "سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم سبي أوطاس وسبي بني المصطلق وأسر من رجال هؤلاء وهؤلاء، وقسم السبي فأمر أن لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تحيض ولم يسأل عن ذات زوج ولا غيرها، ولا هل سبي زوج مع امرأته ولا غيره"٥.إهـ.


١ زاد المعاد ٥/١٣١-١٣٣ وانظر حديث (٢٣١) .
٢ أخرجه مسلم في صحيحه: " (٣/١٣٧٥) ، كتاب الجهاد والسير، باب في التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى".
(زاد المعاد ٣/١١٣-١١٤) .
(نيل الأوطار ٦/٣٤٧ وتحفة الأحوذي ٨/٣٧٠) .
(السنن الكبرى للبيهقي ٩/١٢٤ وانظر الأم للشافعي ٤/١٨٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>