للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحال الثالث: "سبي الرجل وحده فلا ينفسخ النكاح لأنه لا نص فيه ولا القياس يقتضيه، وقد سبى النبي صلى الله عليه وسلم سبعين من الكفار يوم بدر فمن على بعضهم وفادى بعضا فلم يحكم عليهم بفسخ أنكحتهم١". إهـ".

فأنت ترى أن القائلين بعدم فسخ النكاح فيما إذا سبيا معا، هم أبو حنيفة وأحمد والأوزاعي، وقد مال صاحب المغني إلى هذا ودافع عنه".

والظاهر في هذا أن الصواب ما ذهب إليه الشافعي ومالك وغيرهما لما سبق بيانه والله أعلم".

٢- هل بيع الأمة يكون طلاقا لها من زوجها أخذا بعموم قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} ، [النساء، من الآية: "٢٤] . ذهب جماعة من العلماء إلى الأخذ بعموم الآية ورأوا أن بيع الأمة طلاق لها من زوجها٢".

قال ابن كثير: "وقد خالفهم الجمهور قديما وحديثا، فرأوا أن بيع الأمة ليس طلاقا لها، لأن المشتري نائب عن البائع، والبائع كان قد أخرج عن ملكه هذه المنفعة٣، وباعها مسلوبة عنها، واعتمدوا في ذلك على حديث بريرة٤ المخرج في الصحيحين وغيرهما فإن عائشة اشترتها واعتقتها ولم ينفسخ نكاحها من زوجها مغيث، بل خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الفسخ والبقاء، فاختارت الفسخ، فلو كان بيع الأمة طلاقها كما قال هؤلاء، ما خيرها النبي صلى الله عليه وسلم، فلما خيرها دل على بقاء النكاح وأن المراد من الآية المسبيات فقط"٥".

وقال الشنقيطي: "وهو التحقيق في هذه المسألة"٦. إهـ.

قلت: "وهو الظاهر المتبادر من النصوص، والله أعلم".


(المغني ٨/٤٢٧ باختصار وتصرف، والإنصاف ٤/١٣٥-١٣٦) .
٢ ممن قال بهذا من الصحابة رضوان الله عليهم: "عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبي بن كعب، وأنس بن مالك ومن التابعين: "إبراهيم النخعي، والحسن البصري، وسعيد بن المسيب". انظر: " (جامع البيان للطبري ٥/٢-٤، وتفسير ابن كثير: "١/٤٧٣-٤٧٤) .
٣ حيث زوجها لغيره".
٤ حديث بريرة في صحيح البخاري (٧/٤٢ كتاب الطلاق، باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة وصحيح مسلم ٢/١١٤٣ كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق) .
(تفسير ابن كثير ١/٤٧٣-٤٧٤، والبداية والنهاية له ٤/٣٣٩-٣٤٠) .
(أضواء البيان ١/٢٨٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>