للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد كان يعلم أنه لا يؤمن من تلف الولدان والنساء في ذلك ولكنه أباح ذلك لهم، لأن قصدهم كان إلى غير تلفهم، ثم قال:

فهذا يوافق المعنى الذي ذكرت مما في حديث الصعب، والنظر يدل على ذلك أيضا"١.

وقال السهيلي: "قوله صلى الله عليه وسلم "أدرك خالدا، فقل له: "إن رسول الله ينهاك أن تقتل وليدا أو امرأة أو عسيفا".

وهذا منتزع من كتاب الله تعالى". لأنه يقول: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} [سورة البقرة: "١٩٠] ٢، فاقتضى دليل الخطاب ألا تقتل المرأة إلا أن تقاتل".

وقد أخطأ من قاس مسألة المرتدة على هذه المسألة، فإن المرتدة لا تسترق ولا تسبى كما تسبى نساء الحرب وذراريهم، فتكون مالا للمسلمين، فنهى عن قتلهن لذلك٣".

وخلاصة ما تقدم من الأحاديث والآثار وأقوال أهل العلم أن من سمو تعاليم الإسلام ومحاسنه العظيمة رعايته للضعفاء والعجزة والنساء والولدان في المعارك الضارية التي تدور رحاها بين جند الله من المسلمين، وبين أعداء الله من الكافرين، ممل يؤكد لكل منصف عظمة هذا الدين وشمول تعاليمه وعالمية رسالته التي أساسها الرحمة والشفقة والهداية {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} ، [سورة الأنبياء الآية: ١٠٧] ، وإن قوما يبذلون مهجهم وأرواحهم في سبيل نصرة الحق ورفع رايته وإعلاء كلمته يلزمهم أن يضعوا هذه التعاليم الرحيمة نصب أعينهم خاصة في معترك النزال والتحام القتال، فقد


١ شرح معني الآثار ٣/٢٢٠ و٢٢١، و٢٢٢، و٢٢٣". انظر: "شرح النووي على صحيح مسلم ٤/٢٤٢-٢٤٣".
والسنن الكبرى للبيهقي ٩/٧٨". وفتح الباري ٦/١٤٧-١٤٨". وسبل السلام للصنعاني ٤/٤٩-٥٠ ونيل الأوطار، للشوكاني ٧/٢٦١-٢٦٢". والفتح الرباني للساعاتي ١٤/٦٢-٦٣". عون المعبود ٧/٣٢٩-٣٣٠". وتحفة الأحوذي ٥/١٩٠-١٩١". وأوجز المسالك ٨/٢٢٣-٢٢٤". وفتاوى ابن تيمية ٢٨/٣٥٤".
٢ سورة البقرة: "آية ١٩٠". وتمامها: {وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} .
٣ الروض الأنف ٧/٢١٥-٢١٦. والظاهر من قول السهيلي - رحمه الله - إن المرأة إذا قاتلت قتلت وأما إذا لم تباشر القتال فلا يجوز قتلها. بخلاف المرتدة فيجب قتلها مطلقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>