للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "ثم ارتفعت الأصوات وكثرت الخصومة واللغط، فقال رسول الله: "يا عيينة ألا تقبل الغير؟ فقال: "عيينة مثل ذلك أيضاً".

إلى أن قام١ رجل من بني ليث يقال له مكيتل٢ عليه شكة٣ وفي يده٤ درقة فقال: "يا رسول الله إني لم أجد٥ لما فعل هذا في غرة٦ الإسلام مثلاً إلاّ غنماً٧ وردت فرمي أولها فنفر آخرها، أسنناليوم٨ وغير غدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمسون في فورنا٩


١ وعند أحمد: "إذ قام رجل من بني ليث يقال له مكيتل قصير مجموع". وعند البلاذري: "وهو قصير مجمع".
٢ مكتيل: "بمثناة مصغراً، وقيل: "مكيثر بكسر الثاء المثلثة وآخره راء". (الإصابة ٣/٤٥٧ وأسد الغابة ٥/٢٥٩) .
ورواية "مكيثر" عند ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام ٢/٦٢٧".
قال ابن حجر: "وفي رواية ابن هشام عن زياد البكائي "مكيثر".
وذكر ابن الأثير أيضا هذه القصة: "لمطر الليثي"، وقال: "أخرجه أبو موسى". ثم قال: "وقد رواه محمد بن جعفر بن الزبير عن زياد بن ضميرة عن أبيه، وسمى هذا الرجل "مكيتلا". "أسد الغابة ٥/١٨٦". وقال ابن حجر في الإصابة ٣/٤٢٤: "مطر الليثي" في "مكيتل" فلعل "مكيتلا" لقب واسمه مطر".
٣ الشكة: "بكسر الشين المعجمة، السلاح". (النهاية ٢/٤٩٥) .
٤ وفي يده درقة أي في يد مكيتل والدرقة: "محركة الحجفة، وهي الترس من جلود بلا خشب ولا عقب". (النهاية١/٣٤٥، واللسان١٠/٣٨٣، والقاموس المحيط ٣/١٢٦) .
٥ وعند ابن إسحاق: "فقال: "والله يا رسول الله ما وجدت لهذا القتيل شبها في غرة الإسلام، إلا كغنم وردت فرميت أولاها فنفر آخرها".
٦ غرة الإسلام: "أوله وغرة كل شيء أوله". (النهاية ٣/٣٥٤) .
(إلا غنماً وردت) على الماء للشرب، (فرمي) بصيغة المجهول، أي بالنبل أو الحجارة لقتلها أو طردها، (أولها) أي الغنم، (فنفر آخرها) أي بقية الغنم لخوف القتل، فكذلك ينبغي أن تقتل هذا الأوّل حتى تكون قتله عظة وعبرة للآخرين". (عون المعبود ١٢/٢٢٠) .
(أسنن اليوم) صيغة أمر من سن سنة من باب نصر، (وغير غدا) صيغة أمر من التغير، وهذا مثل ثان ضربه لترك القتل، كما أن الأوّل ضربه للقتل ولذلك ترك العطف".
قال ابن الأثير: "اسنن اليوم وغير غدا: "معناه أن مثل محلم في قتله الرجل وطلبه أن لا يقتص منه وتؤخذ منه الدية، والوقت أوّل الإسلام وصدره كمثل هذه الغنم النافرة، يعني إن جرى الأمر مع أولياء القتيل على ما يريد محلم ثبط الناس عن الدخول في الإسلام معرفتهم أن القود يغير بالدية، والعرب خصوصاً وهم الحراص على درك الأوتار وفيهم الأنفة من قبول الديات، ثم حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإقادة منه بقوله: "اسنن اليوم وغير غدا" يريد إن لن تقتص منه غيرت سنتك، ولكنه أخرج الكلام على الوجه الذي يهيج المخاطب ويحثه على الإقدام والجرأة على المطلوب منه".
وقال أيضاً: " (اسنن اليوم وغير غداً) أي: "اعمل بسنتك التي سننتها في القصاص ثم بعد ذلك إذا شئت أن تغير فغير: "أي تغير ما سننت وقيل تغير: "من أخذ الغير، وهي الدية". ٠ النهاية ٢/٤١٠و ٣/٤٠٠-٤٠١، عون المعبود ١٢/٢٢٠-٢٢١) .
٩ وعند ابن إسحاق وأحمد:"في سفرنا هذا".وعند ابن ماجه والبلاذري:"في سفرنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>