للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب الجماهير إلى أنه لا ينعقد النذر من الكافر، قال الطحاوي: "لا يصح منه التقرب بالعبادة، قال: "ولكنه يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم فهم من عمر أنه سمح بفعل ما كان نذر فأمره به لأن فعله طاعة، وليس هو ما كان نذر به في الجاهلية".

وذهب بعض المالكية إلى أنه صلى الله عليه وسلم إنما أمر به استحبابا، وإن كان التزمه في حال لا ينعقد فيها.

ثم عقب الصنعاني على هذا بقوله: "ولا يخفى أن القول الأوّل١ أوفق بالحديث والتأويل تعسف٢".

وقال الشوكاني: "وفي حديث عمر دليل على أنه يجب الوفاء بالنذر من الكافر متى أسلم، وقد ذهب إلى هذا بعض أصحاب الشافعي".

وعند الجمهور لا ينعقد النذر من الكافر، وحديث عمر حجة عليهم".

وقد أجابوا عنه بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما عرف أن عمر قد تبرع بفعل ذلك أذن له به لأن الاعتكاف طاعة".

ثم قال: "ولا يخفى ما في هذا الجواب من مخالفة الصواب، وأجاب بعضهم بأنه صلى الله عليه وسلم أمره بالوفاء استحبابا لا وجوبا".

ثم قال: "ويرد بأن هذا الجواب لا يصلح لمن ادعى عدم الانعقاد٣".

وقال ابن حزم: "مسألة ومن نذر في حال كفره طاعة لله عز وجل ثم أسلم لزمه الوفاء به" ...

٢٧٤- ثم ساق حديث حكيم بن حزم أنه قال: "أي رسول الله أرأيت أمورا كنت اتحنث٤ بها في الجاهلية من صدقة، أو عتاقة، أو صلة رحم، أفيها أجر؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسلمت على ما أسلفت من خير" ٥.


١ يريد وجوب الوفاء بما نذره الكافر (٢) سبل السلام ٤/١١٥".
٢ سبل السلام (٤/١١٥) .
٣ نيل الأوطار ٨/٢٥٨، والدراري المضيئة ٢/١٥٤-١٥٧، وتحفة الأحوذي ٥/١٤٢، عون المعبود ٩/١٥٥".
٤أتحنث بها: "أي أتعبد وأتقرب بها إلى الله". (النهاية ١/٤٤٩) .
٥ الحديث في صحيح البخاري ٢/٩٧ كتاب الزكاة، باب من تصدق في الشرك ثم أسلم. وصحيح مسلم ١/١١٣-١١٤ كتاب الأيمان، باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده.
وقال النّووي: "وذهب ابن بطال وغيره من المحقّقين إلى أنّّ الحديث على ظاهره، وأنه إذا أسلم الكافر ومات على الإسلام يثاب على ما فعله من الخير في حال الكفر". (شرح النووي على صحيح مسلم ١/٣٢٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>