للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرو من وجه صحيح يصح العمل به أنه صلى الله عليه وسلم صام أيام اعتكافه في شوال ولا صحّ أنه أمر عمر بالصوم.

وأما ما أخرجه أبو داود عن عائشة أنها قالت: "السنة على المعتكف ألا يعود مريضا ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد له منه، ولا اعتكاف إلا بصوم ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع".

فقد أخرجه في الموطأ١ والنسائي٢ وليست فيه: "قالت: "السنة" وجزم الدارقطني بأن القدر المرفوع من حديث عائشة قولها: "لا يخرج"٣ وما عداه ممن دونها". وكذلك قال البيهقي كما ذكره ابن كثير في الإرشاد٤".

وأما ما أخرجه الحاكم عن ابن عباس مرفوعا وقال: "صحيح على شرط مسلم: "أنه لا اعتكاف إلا بصوم" فقد صحح الدارقطني والبيهقي وابن حجر أنه موقوف على ابن عباس، وأيضا فقد أخرج الحاكم عن ابن عباس مرفوعا وصححه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على المعتكف صيام" ورجح الدارقطني والبيهقي وقفه على ابن عباس، فتعارضت الرواية عن ابن عباس كما ترى ولاحجة في قوله٥".

وقال في نيل الأوطار: "وقد استدل بعض القائلين٦ بأن الصوم شرط في الاعتكاف بقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [سورة البقرة، من الآية: "١٨٧] .


١ انظر الحديث في موطّأ مالك ١/٣١٢ كتاب الاعتكاف، باب ذكر الاعتكاف".
٢ النسائي ١/١٢١ كتاب الطهارة، باب غسل الحائض رأس زوجها". وانظر تحفة الأشراف ١٢/٧٨و١١٧ (حديث ١٦٦٠٢و١٦٧٤٦) .
٣ يعني "لا يخرج إلا لما بد منه". (انظر فتح الباري ٤/٢٧٣) .
٤ انظر: "ص (٦٣١) .
٥ السيل الجرار ٢/١٣٤-١٣٥".
٦ هذا قول بعض المالكية كما صرح بذلك ابن حجر، وقد روى مالك في الموطأ أنه بلغه أن القاسم بن محمد ونافعا مولى عبد الله بن عمر قالا: "لا اعتكاف إلا بصيام، بقول الله تبارك وتعالى في كتابه: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} ، [سورة البقرة، من الآية: ١٨٧] ، فإنما ذكر الله الاعتكاف مع الصيام".
قال مالك: "وعلى ذلك الأمر عندنا، أنه لا اعتكاف إلا بصيام". (الموطّأ١/٣١٥ كتاب الاعتكاف، باب ما لا يجوز الاعتكاف إلا به".وانظر فتح الباري٤/٢٧٤-٢٧٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>