للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأنزل الله تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية، قال أبو بكر: "فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما: في الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا في الجاهلية بالصفا والمروة، والذين يطوفون، ثم تحرجوا ان يطوفوا بهما في الإسلام من أجل أن الله تعالى أمر بالطواف بالبيت ولم يذكر الصفا حتى١ ذكر ذلك بعدما ذكر الطواف بالبيت"٢.

وهو عند مسلم أيضا ولفظه: قال الزهري: فذكرت ذلك لأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فأعجبه ذلك، وقال: إن هذا لعلم، ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يقولون: إنما كان من لا يطوف بين الصفا والمروة من العرب يقولون: إن طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية.

وقال آخرون من الأنصار: إنما أمرنا بالطواف بالبيت ولم نؤمر به بين الصفا والمروة، فأنزل الله عز وجل {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} . قال أبو بكر بن عبد الرحمن: فأراها قد نزلت في هؤلاء وهؤلاء٣.

وعند البخاري أيضا قال: قال معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: كان رجال من الأنصار ممن كان يهل لمناة – ومناة صنم بين مكة والمدينة – قالوا: يا نبي الله: كنا لا نطوف بين الصفا والمروة تعظيما لمناة٤.

هكذا علقه البخاري عن معمر، ووصله أحمد ولفظه: ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة في قوله عز وجل {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} قالت: كان رجال من الأنصار ممن كان يهل لمناة في الجاهلية ومناة صنم بين مكة والمدينة قالوا: يا نبي الله: إنا كنا لا نطوف بين الصفا والمروة تعظيما لمناة فهل علينا من حرج أن نطوف بهما، فأنزل الله عز وجل {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ٥.


١ قوله: "حتى ذكر ذلك بعدما ذكر الطواف بالبيت"، يعني تأخر نزول آية البقرة في الصفا والمروة عن آية الحج وهي قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} ، [الحج: من الآية٢٩] . (ابن حجر: فتح الباري ٣/٥٠١) .
٢ البخاري: (الصحيح ٢/١٣٢) ، كتاب الحج (باب وجوب الصفا والمروة) .
٣ مسلم: (الصحيح ٢/٩٢٩) ، كتاب الحج (باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به)
٤ البخاري: (الصحيح ٦/١١٨ كتاب التفسير (باب ومناة الثالثة الأخرى) .
٥ أحمد: (المسند ٦/١٦٢) ، ووقع فيه خطأ مطبعي فأسقط "لا" من قوله: كنا لا نطوف ... الخ، والصواب إثباتها كما في رواية البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>