للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورد هذا الحديث ابن قدامة بقوله: "ولنا ما روى عوف بن مالك وخالد بن الوليد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل ولم يخمس السلب".

وعموم الأخبار التي ذكرناها، وخبر عمر بن الخطاب حجة لنا فإنه قال: "إنا كنا لا نخمس، وقول الراوي كان أول سلب خمس في الإسلام، يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر صدرا من خلافته لم يخمسوا سلبا واتباع ذلك أولى".

قال الجوزجاني١: "لا أظنه يجوز لأحد في شيء سبق فيه من الرسول صلى الله عليه وسلم شيء إلا اتباعه ولا حجة في قول أحد مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم٢".

ثم قال ابن قدامة: "وما ذكرناه يصلح أن يخصص به عموم الآية".

وإذا ثبت هذا: "فإن السلب من أصل الغنيمة، وقال مالك: "هو من خمس الخمس".

ولنا: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل مطلقا ولم ينقل عنه أنه احتسب به من الخمس، ولأنه لو احتسب به من خمس الخمس احتيج إلى معرفة قيمته وقدره ولم ينقل ذلك، ولأن سببه لا يفتقر إلى اجتهاد الإمام فلم يكن من خمس الخمس كسهم الفارس والراجل ٣".إهـ.

وقال ابن قيم الجوزية: "قوله صلى الله عليه وسلم "من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه" دليل على أن له سلبه كله غير مخمس، وقد صرح بهذا في قوله لسلمة بن الأكوع لما قتل قتيلا: "له سلبه أجمع".

وفي المسألة ثلاثة مذاهب، هذا أحدها.


١ الجوزجاني: "هو إبراهيم بن يعقوب السعدي "ثقة حافظ".
٢ أقول إن ما عمله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من تخميس سلب البراء بن مالك يمكن القول به لأنه راعى فيه المصلحة العامة، وليس فيه مخالفة لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يكن خافيا على عمر رضي الله عنه، لأنه قال: "إنا كنا لا نخمس السلب وإن سلب البراء قد بلغ ما لا وأنا خامسه".
فعمر - رضي الله عنه - نظر هنا إلى كثرة هذا السلب، ورأى بفهمه الثاقب وفقهه العميق لمقاصد الشريعة أن فيه حقا لبيت مال المسلمين، فلو ذهب إلى هذا النظر إمام من أئمة المسلمين لكان له فيه سند وسلف من عمر - رضي الله عنه ـ". والله أعلم.
٣ المغني لابن قدامة ٨/٣٩١-٣٩٢ وأضواء البيان للشنقيطي ٢/٣٩٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>