للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعطيت مما لا حق لكم فيه, ولأن الخمس مخصوص بأصناف١ وكذا خمس الخمس خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم يدعه حيث شاء لا اعتراض عليه في ذلك.

فلما لم يحصل شيء من ذلك, بل الذي حصل هو استطابة نفوس الأنصار بقوله صلى الله عليه وسلم "أما ترضون أن يذهب الناس بالدنيا وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيوتكم" دلك ذلك على أن العطاء المذكور كان من صلب الغنيمة التي أحرزها الأنصار بسيوفهم ودمائهم, ولهم الحق فيها وقد أقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك, وعوضهم عنها نفسه صلى الله عليه وسلم تطيبا لنفوسهم.

قال ابن حجر: "عند شرحه لحديث عبد الله بن زيد: "قوله: "ولم يعط الأنصار شيئا"، ظاهر في أن العطية المذكورة كانت من جميع الغنيمة".

وقال القرطبي٢ في "المفهم" الإجراء على أصول الشريعة أن العطاء المذكور كان من الخمس , ومنه كان أكثر عطاياه, وقد قال في هذه الغزوة للأعرابي "ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود فيكم".

وعلى الأول فيكون ذلك مخصوصا بهذه الواقعة, وقد ذكر السبب في ذلك في رواية قتادة عن أنس في الباب حيث قال: "إن قريشاً حديث عهد بجاهلية ومصيبة, وإني أردت أن أجبرهم وأتألفهم". اهـ.

ثم عقب ابن حجر بقوله: "الأوّل هو المعتمد, والذي رجحه القرطبي جزم به الواقدي, ولكنه ليس بحجة إذا انفرد فكيف إذا خالف٣".

ثم قال ابن حجر: "ويؤكد أن العطاء المذكور كان من صلب الغنيمة ما جاء في رواية هشام بن زيد عن أنس: "إذا كانت شديدة فنحن ندعى, ويعطي الغنيمة غيرنا".


١ هم من سماهم الله في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} ، [سورة الأنفال، من الآية: ٤١] . الآية ٤١من سورة الأنفال.
٢ هو أبو العباس: "أحمد بن عمر وهذا غير القرطبي المفسر".
٣ وهو أيضا قول أبي عبيد". (انظر فتح الباري ٨/٤٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>