للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنزل الله على النبي - صلى الله عليه وسلم - ١، فستر بثوب، وودت٢ أني قد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد أنزل عليه الوحي، فقال عمر: "تعال، أيسرك٣ أن تنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أنزل الله عليه الوحي؟ قلت: "نعم، فرفع طرف الثوب، فنظرت إليه له غطيط٤ - وأحسبه قال: "كغطيط البكر٥ - فلما سري٦ عنه قال: "أين السائل عن العمرة؟ ٧".


١ قوله: "فأنزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم"، قال ابن حجر: "لم أقف في شيء من الروايات على بيان المنَزل حينئذ من القرآن، وقد استدل به جماعة من العلماء على أن من الوحي ما لا يتلى، ولكن وقع عند الطبراني وابن ماجة وابن أبي حاتم من طريق أخرى أن المنزل عليه حينئذ قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ} ثم قال: "ووجه الدلالة منه على المطلوب عموم الأمر بالإتمام فإنه يتناول الهيئات والصفات".
وقال أيضا في مكان آخر: "ويستفاد منه أن المأمور به وهو الإتمام يستدعي وجوب اجتناب ما يقع في العمرة". (فتح الباري ٣/٣٩٤و٦١٤) .
٢ وعند مسلم: "وكان يعلى يقول: "وددت أني أرى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أنزل عليه الوحي".
وعند أحمد: "عن يعلى بن أمية أنه كان مع عمر في سفر وأنه طلب إلى عمر أن يريه النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي، قال: "فبينما النبي صلى الله عليه وسلم في سفر وكان عليه ستر مستور من الشمس إذ أتاه رجل عليه جبة وعليه ردع من زعفران".
٣ وعند الحميدي: "عن يعلى بن أمية قال: "قلت لعمر بن الخطاب إني أشتهي أن أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي قال: "فبينا أنا بالجعرانة إذ دعاني عمر فأتيت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى ثوبا فكشف لي عمر وجهه فإذا هو محمر وجهه".
وعند مسلم "وكان يعلى يقول: "وددت أني أرى النبي صلى الله عليه وسلم وقد نزل عليه الوحي".
وعنده أيضا: "أن يعلى كان يقول لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "ليتني أرى نبي الله صلى الله عليه وسلم حين ينزل عليه".
وعنده أيضا: "وكان عمر يستره إذا أنزل عليه الوحي، ويظله فقلت لعمر - رضي الله عنه ـ: "إني أحب إذا أنزل عليه الوحي، أن أدخل رأسي معه في الثوب، فلما أنزل عليه خمره عمر - رضي الله عنه - بالثوب فجئته فأدخلت رأسي معه في الثوب، فنظرت إليه".
٤ له غطيط: "الغطيط صوت النفس المتردد من النائم أو المغمى وسبب ذلك شدة ثقل الوحي". (فتح الباري ٣/٣٩٤ والمصباح المنير ٢/٥٣٨) .
وعند البخاري ومسلم: "فأشار عمر بيده إلى يعلى بن أمية: "تعال فجاء يعلى فأدخل رأسه فإذا النبي صلى الله عليه وسلم محمر الوجه يغط كذلك ساعة ثم سري عنه".
قال ابن حجر: "وكان سبب إدخال يعلى رأسه عليه صلى الله عليه وسلم في تلك الحال أنه كان يحب لو رآه في حالة نزول الوحي". (فتح الباري ٣/٣٩٤) .
٥ البكر: "هو بفتح الباء وهو الفتي من الإبل". (شرح النووي على صحيح مسلم ٣/٢٥٠، والمصباح المنير ١/٧٥) .
٦ سري عنه: "هو بضم السين وكسر الراء المشددة، أي أزيل ما به وكشف عنه شيئا بعد شيء". (شرح النووي ٣/٢٥٠ وفتح الباري ٣/٣٩٤ والنهاية ٢/٣٦٤) .
٧ وعند مسلم: "فقال أين الذي سألني عن العمرة آنفا" فالتمس الرجل فجيء به فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما الطيب الذي بك، فاغسله ثلاث مرات وأما الجبة، فأنزعها، ثم أصنع في عمرتك ما تصنع في حجك".
وعند البخاري: "أين الذي يسألني عن العمرة آنفا"؟
وعنده أيضاً: "من رواية أبي عاصم عن ابن جريج" فقال: "أين الذي سأل عن العمرة؟ " فأتى برجل فقال: "أغسل الطيب ثلاث مرات، وانزع عنك الجبة واصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك".
قلت لعطاء: "أراد الإنقاء حين أمره أن يغسل ثلاث مرات؟ قال: "نعم".
قال ابن حجر: "والقائل لعطاء: "هو ابن جريج وهو دال على أنه فهم من السياق أن قوله: "ثلاث مرات" من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون من كلام الصحابي وأنه صلى الله عليه وسلم أعاد لفظة "اغسله" مرة ثم مرة على عادته أنه كان إذا تكلّم بكلمة اعادها ثلاثا لتفهم عنه، ونبه عليه عياض". (فتح الباري ٣/٣٩٥) .
وقال النووي: قوله: "أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات"، إنما أمر بالثلاث مبالغة في إزالة لونه وريحه، والواجب الإزالة، فإن حصلت بمرة كفت، ولم تجب الزيادة، ولعل الطيب الذي كان على هذا الرجل كثير، ويؤيده قوله: "متضمخ".
ثم قال: "قال القاضي: "ويحتمل أنه قال ثلاث مرات أغسله، فكرر القول ثلاثاً، والصواب ما يبق، والله أعلم". (شرح النووي على صحيح مسلم ٣/٢٥٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>