للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشهور١، ولا يصح قول من حمله على حجة الوداع، وزعم أنه صلى الله عليه وسلم كان متمتعا، لأن هذا غلط فاحش، فقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة في مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: "ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت؟ فقال: "إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر الهدي" ٢.

وأورد ابن كثير حديث معاوية المذكور، ثم قال: "والمقصود أن هذا إنما يتوجه أن يكون في عمرة الجعرانة وذلك أن عمرة الحديبية لم يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة بل صد عنها، وأما عمرة القضاء فلم يكن أبو سفيان أسلم ولم يبق بمكة من أهلها أحد حين دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بل خرجوا منها، وتغيبوا عنها مدة مقامه عليه السلام بها تلك الثلاثة الأيام، وعمرته التي كانت مع حجته لم يتحلل منها بالاتفاق".

فتعين أن هذا التقصير الذي تعاطاه معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما من رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة إنما كان في عمرة الجعرانة كما قلنا٣".إهـ.

وجمع ابن حجر بين قول من قال بأن الذي حلق لرسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة الجعرانة: "أبو هند عبد بني بياضة، وقول من قال الذي حلق لرسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه العمرة هو معاوية بن أبي سفيان".

فقال: "أخرج الحاكم في "الإكليل" في آخر قصة غزوة حنين أن الذي حلق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة الجعرانة أبو هند٤ عبد بني بياضة، فإن ثبت هذا وثبت أن معاوية كان حينئذ معه، أو كان بمكة فقصر عنه بالمروة أمكن الجمع بأن يكون معاوية


١ قال ابن حجر: "والذي رجحه النووي من كون معاوية إنما أسلم يوم الفتح صحيح من حيث السند، ولكن يمكن الجمع بأنه كان أسلم خفية وكان يكتم إسلامه ولم يتمكن من إظهاره إلا يوم الفتح، وقد أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة معاوية تصريح معاوية بأنه أسلم بين الحديبية والقضية وأنه كان يُخفي إسلامه خوفا من أبويه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة في عمرة القضية خرج أكثر أهلها عنها حتى لا ينظرونه وأصحابه يطوفون بالبيت، فلعل معاوية كان ممن تخلف بمكة لسبب اقتضاءه". (فتح الباري ٣/٥٦٥ وفي الإصابة ٣/٤٣٣ نسب القول بإسلام معاوية بعد الحديبية للواقدي وابن سعد ذكر ذلك بدون إسناد فقال: "وكان يذكر أنه أسلم عام الحديبية وكان يكتم إسلامه، إهـ، فعل عمدة ابن عساكر هو الواقدي". (انظر مغازي الواقدي ٣/٩٥٩ والطبقات الكبرى لابن سعد ٧/٤٠٦) .
٢ شرح النووي على صحيح مسلم ٣/٣٨٧".
((٣البدايةوالنهاية٤/٣٦٧-٣٦٨وزادالمعاد٢/١٣٦-١٣٨،وفتح الباري٣/٥٦٥-٥٦٦".
٤ تقدم تحت حديث (٣٠٦) أن هذا قول الواقدي، ولعل الحاكم رواه عنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>