للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٩ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ⦗١١٠⦘ الْوَاشِحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: " كُنْتُ وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي الْأُطُمِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَكَانَ يُطَأْطِئُ فَأَنْظُرُ إِلَى الْقِتَالِ، وأُطَأْطِئُ لَهُ فَيَنْظُرُ إِلَى الْقِتَالِ، فَرَأَيْتُ أَبِي يَجُولُ فِي السَّبَخَةِ، يَكُرُّ عَلَى هَؤُلَاءِ مَرَّةً وَعَلَى هَؤُلَاءِ مَرَّةً فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَهْ، قَدْ رَأَيْتُكَ تَكُرُّ فِي السَّبَخَةِ عَلَى هَؤُلَاءِ مَرَّةً، وَعَلَى هَؤُلَاءِ مَرَّةً فَقَالَ: قَدْ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَوْمَ أَبَوَيْهِ " وَقَالَ: هَذَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ يَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَمَعَ لَهُ أَبَوَيْهِ؟ قِيلَ لَهُ: إِنَّ قَوْلَ الزُّبَيْرِ هَذَا غَيْرُ دَافِعٍ صِحَّةَ مَا قَالَ عَلِيٌّ، وَلَا قَوْلُ عَلِيٍّ دَافِعٌ صِحَّةَ مَا قَالَ الزُّبَيْرُ، لِأَنَّ عَلِيًّا إِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ. وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ جَمَعَ لِلزُّبَيْرِ أَبَوَيْهِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ عَلِيٌّ، وَسَمِعَهُ الزُّبَيْرُ، فَأَخْبَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا سَمِعَ. وَلَيْسَ فِي قَوْلِ قَائِلٍ: لَمْ أَسْمَعْ فُلَانًا يَقُولُ كَذَا وَكَذَا نَفْيٌ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ غَيْرُهُ، وَلَا فِي قَوْلِ قَائِلٍ: سَمِعْتُ فُلَانًا يَقُولُ كَذَا وَكَذَا ⦗١١١⦘، إِيجَابٌ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ لَا أَحَدَ إِلَّا وَقَدْ سَمِعَ مِنَ فُلَانٍ الْخَبَرَ الَّذِي أَخْبَرَ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ، فَكَذَلِكَ خَبَرَا عَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا اللَّذَانِ ذَكَرْنَا عَنْهُمَا. الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنَ الْفِقْهِ وَالَّذِي فِيهِ مِنْ ذَلِكَ: الدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ الْقَائِلِينَ بِإِجَازَةِ تَفْدِيَةِ الرَّجُلِ بِأَبَوَيْهِ وَنَفْسِهِ، وَفَسَادِ قَوْلِ مُنْكِرِي ذَلِكَ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ تَفْدِيَةَ النَّبِيِّ لِلَّهِ مَنْ فَدَّاهُ بِأَبَوَيْهِ، إِنَّمَا جَازَ لِأَنَّ أَبَوَيْهِ كَانَا مُشْرِكَيْنِ، فَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ أَنْ يُفَدِّيَ مُسْلِمًا وَلَا كَافِرًا بِنَفْسِهِ , وَلَا بِأَحَدٍ سِوَاهُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، اعْتِلَالًا مِنْهُ بِمَا

<<  <   >  >>