١٨٤ - وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ، قَالَ: «إِذَنْ يُهِينُكَ اللَّهُ» قِيلَ: هَذِهِ أَخْبَارٌ وَاهِيَةُ الْأَسَانِيدِ، لَا تَثْبُتُ بِمِثْلِهَا فِي الدِّينِ حُجَّةٌ ⦗١١٣⦘، وَذَلِكَ أَنَّ مَرَاسِيلَ الْحَسَنِ أَكْثَرُهَا صُحُفٌ غَيْرُ سَمَاعٍ، وَأَنَّهُ إِذَا وُصِلَتِ الْأَخْبَارُ فَأَكْثَرُ رِوَايَتِهِ عَنْ مَجَاهِيلَ لَا يُعْرَفُونَ. وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فِيمَا يَرْوِي مِنَ الْأَخْبَارِ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ عِنْدَنَا أَنْ نَتَثَبَّتَ فِي مَرَاسِيلِهِ، وَأَنَّ الْمُنْكَدِرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ مِمَّنْ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى نَقْلِهِ. وَبَعْدُ، فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنِ الْمُنْكَدِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِحَاحًا، لَمْ يَكُنْ فِيهَا لِمُحْتَجٍّ بِهَا حُجَّةٌ فِي إِبْطَالِ مَا رَوَيْنَا عَنْ عَلِيٍّ , وَالزُّبَيْرِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنَ الْخَبَرَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا عَنْهُ أَنَّهُ فَدَّى مَنْ فَدَّى بِأَبَوَيْهِ، وَلَا كَانَ فِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ قِيلَ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، إِذْ لَا بَيَانَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى الزُّبَيْرَ عَنْ قِيلِ ذَلِكَ لَهُ , بَلْ إِنَّمَا فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «أَمَا تَرَكْتَ أَعْرَابِيَّتَكَ بَعْدُ» , وَالْمَعْرُوفُ مِنْ قِيلِ الْقَائِلِ إِذَا قَالَ: إِنَّ فُلَانًا لَمْ يَتْرُكْ أَعْرَابِيَّتَهُ بَعْدُ، أَنَّهُ إِنَّمَا نَسَبُهُ إِلَى الْجَفَاءِ لَا إِلَى فِعْلِ مَا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ. فَلَوْ صَحَّ خَبَرُ الْحَسَنِ الَّذِي رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِيلِهِ مَا قَالَ لِلزُّبَيْرِ، لَمْ يَعْدُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسْبَةً لِقَوْلِ الزُّبَيْرِ الَّذِي قَالَ لَهُ إِلَى الْجَفَاءِ، وَإعْلَامًا مِنْهُ لَهُ أَنَّ غَيْرَهُ مِنَ الْقَوْلِ وَالتَّحِيَّةِ أَلْطَفُ وَأَرَقُّ مِنْهُ، هَذَا هَذَا. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَسَانِيدَ لَا تُشْبِهُ أَسَانِيدَ خَبَرِ الْحَسَنِ فِي الصِّحَّةِ، أَنَّهُمْ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جَعَلْنَا اللَّهُ فِدَاكَ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُغَيِّرْ، نَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute