وَأَمَّا قَوْلُ سَعْدٍ، مُخْبِرًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ: «أَنْبِلُوا سَعْدًا» فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: «أَنْبِلُوا سَعْدًا» ، أَعْطُوهُ النَّبْلَ. يُقَالُ مِنْهُ: اسْتَنْبَلَنِي فُلَانٌ، فَأَنْبَلْتُهُ، يُرَادُ بِهِ: سَأَلَنِي نَبْلًا فَأَعْطَيْتُهُ. فَأَمَّا الرَّجُلُ يَكُونُ مَعَهُ النَّبْلُ فَإِنَّهُ يُقَالُ: هُوَ رَجُلٌ نَابِلٌ وَنبَّالٌ، كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يَكُونُ مَعَهُ سَيْفٌ: هُوَ رَجُلٌ سَائِفٌ، وَسَيَّافٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: «مَا انْتَبَلْتُ نَبْلَهُ» ، فَإِنَّهُ مَعْنًى غَيْرُ هَذَا، وَإِنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ يَأْتِيكَ فَلَا تَكْتَرِثُ لَهُ، وَلَا تَعْلَمُ بِهِ، وَفِيهِ لُغَاتٌ أَرْبَعٌ، يُقَالُ: مَا انْتَبَلْتُ نَبْلَهُ، وَنُبْلَهُ، وَنَبَالَهُ، وَنَبَالَتَهُ، وَمِثْلُهُ: مَا مَأَنْتُ مَأْنَهُ، وَلَا شَأَنْتُ شَأْنَهُ، وَلَا رَبَأْتُ رَبْأَهُ، كُلُّ ذَلِكَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ: مَا اكْتَرَثْتُ لَهُ، وَلَا عَلِمْتُ بِهِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْعَرَبِ لِلرَّجُلِ: نَبِّلْنِي عَرْقًا، وَنَبِّلْنِي أَحْجَارًا، فَإِنَّ مَعْنَاهُ: أَعْطِنِي. وَأَمَّا النَّبَلُ فِي الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ، وَأَعِدُّوا النَّبَلَ» ، فَإِنَّهَا الْحِجَارَةُ الَّتِي تُعَدُّ لِلِاسْتِنْجَاءِ بِهَا , يُقَالُ ذَلِكَ لَهَا كَذَلِكَ لِصِغَرِهَا، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ شَيْءٍ صَغِيرٍ نَبْلَةٌ، كَمَا تُسَمِّي بِهَا كُلَّ شَيْءٍ كَبِيرٍ. وَهُوَ مِنَ الْأَضَّدَادِ، يُجْمَعُ نَبَلًا، وَمِنْهُ قَوْلُ بَيْهَسٍ، الَّذِي كَانَ يُلَقَّبُ نَعَامَةَ:
[الْبَحْر المنسرح]
إِنْ كُنْتَ أَزْنَنْتَنِي بِهَا كَذِبًا ... جَزْءُ، فَلَاقَيْتَ مِثْلَهَا عَجِلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute