٣٩٣ - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْحَارِثِ , وَابْنِ شُبْرُمَةَ: فِيمَنْ " قَامَتْ دَابَّتُهُ فِي الطَّرِيقِ، فَخَلَّى عَنْهَا، فَأَخَذَهَا رَجُلٌ، فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا حَتَّى بَرَأَتْ، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا، قَالَا: يُعْطِي النَّفَقَةَ، وَيَأْخُذُ دَابَّتَهُ " وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، مِنْ أَنَّ صَاحِبَ الدَّابَّةِ إِنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ تَرْكُهُ إِيَّاهَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ لِمَنْ أَخَذَهَا، وَالْعَزْمِ مِنْهُ عَلَى أَلَّا يَرْتَجِعَهَا مِنْ آخِذِهَا، فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَحُكِمَ لَهُ بِأَخْذِهَا مِمَّنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ غُرْمُ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا الْآخِذُ. فَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ ارْتِجَاعُهَا. فَأَمَّا حُكْمُنَا بِهَا لَهُ، وَتَصْيِيُرنَا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، بَعْدَ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ الدَّابَّةَ لَهُ، وَأَنَّهُ الَّذِي خَلَّاهَا حَيْثُ خَلَّاهَا، فَلَمَّا بَيَّنَا قَبْلُ: مِنْ أَنَّ مِلْكَ مَالِكٍ لَا يَزُولُ عَنْ مِلْكِهِ إِلَّا بِإِزَالَتِهِ إِيَّاهُ عَنْهُ، أَوْ بِحُكْمِ اللَّهِ بِزَوَالِهِ، وَلَمْ يُزِلْهُ صَاحِبُهُ بِمَا يَزُولُ بِهِ الْإِمْلَاكُ، وَلَا وَرَدَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَاكَ، خَبَرٌ يُوجِبُ زَوَالَهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا قَامَتْ بِهِ حُجَّةٌ مِنْ أَصْلٍ أَوْ نَظِيرٍ ⦗٢٥٥⦘. وَأَمَّا تَرْكُنَا تَغْرِيمَهُ النَّفَقَةَ الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَيْهَا الْآخِذُ، فَلِأَنَّ الْآخِذَ أَنْفَقَ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِ رَبِّ الدَّابَّةِ، فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِهَا، وَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا تَبَرَّعَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute