للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الورع، وقل فيه الخشوع، وحمل العلم مفسدوه، فأحبوا أن يعرفوا بحمله، وكرهوا أن يعرفوا بإضاعته، فنطقوا فيه بالهوى، لما أدخلوا فيه من الخطأ، وحرفوا الكلم عما تركوا من الحق، إلى ما عملوا به من باطل، فذنوبهم ذنوب لا يستغفر منها، وتقصيرهم تقصير لا يعترف به، كيف يهتدي المستدل المسترشد إذا كان الدليل حائرا، أحبو الدنيا وكرهوا منزلة أهلها، فشاركوهم في العيش، وزايلوهم بالقول، ودافعوا بالقول عن أنفسهم أن ينسبوا إلى عملهم، فلم يتبرؤا مما انتفوا منه، ولم يدخلوا فيما نسبوا إليه أنفسهم، لأن العامل بالحق متكلم وإن سكت، وقد ذكر أن الله تعالى يقول: (إني لست كل كلام الحكيم أتقبل، ولكني أنظر إلى همه وهواه، فإن كان همه وهواه لي، جعلت صمته حمدا ووقارا لي، وإن لم يتكلم) (١) وقال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (٢) لم يعملوا بها { ... كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} كتبا، وقال: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (٣) قال: العمل بما فيه ولا تكتفوا من السنة بانتحالها بالقول دون العمل بها، فإن انتحال السنة دون العمل بها كذب بالقول مع إضاعة العلم، ولا تعيبوا بالبدع تزينا بعيبها، فإن فساد أهل البدع ليس بزائد في


(١) فيه صدقة بن عبد الله: ضعيف، ولم أقف عليه في مصدر آخر.
(٢) الآية (٥) من سورة الجمعة ..
(٣) من الآية (٦٣) من سورة البقرة.

<<  <   >  >>