للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

صلاحكم، ولا تعيبوها بغيا على أهلها، فإن البغي من فساد أنفسكم، وليس ينبغي للطبيب أن يداوي المرضى بما يبرئهم ويمرضه، فإنه إذا مرض اشتغل بمرضه عن مداواتهم، ولكن ينبغي أن يلتمس لنفسه الصحة ليقوى به على علاج المرضى، فليكن أمركم فيما تنكرون على إخوانكم نظرا منكم لأنفسكم، ونصيحة منكم لربكم، وشفقة منكم على إخوانكم، وأن تكونوا مع ذلك بعيوب أنفسكم أعنى منكم بعيوب غيركم، وأن يستطعم بعضكم بعضا النصيحة، وأن يحظى عندكم من بذلها لكم، وقبلها منكم وقد قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: رحم الله من أهدى إلي عيوبي (١) تحبون أن تقولوا فيحتمل لكم، وإن قيل لكم مثل الذي قلتم غضبتم، تجدون على الناس فيما تنكرون من أمورهم، وتأتون مثل ذلك، فلا تحبون أن يؤخذ عليكم، اتهموا رأيكم ورأي أهل زمانكم، وتثبتوا قبل أن تكلموا، وتعلموا قبل أن تعملوا، فإنه يأتي زمان يشتبه فيه الحق والباطل، ويكون المعروف فيه منكرا، والمنكر فيه معروفا، فمنكم متقرب إلى الله بما يباعده، ومتحبب إليه بما يبغضه عليه، قال الله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (٢) فعليكم بالوقوف عند الشبهات حتى يبرز لكم واضح الحق بالبينة، فإن الداخل فيما لا يعلم بغير علم آثم، ومن نظر لله نظر الله له، عليكم بالقرآن فأتموا به وأموا به، وعليكم بطلب أثر الماضين فيه، ولو أن


(١) ذكر في مجمع الأمثال ١/ ٣١٤.
(٢) الآية (٨) من سورة فاطر ..

<<  <   >  >>