للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا يُعبر بـ (التأويل) عن امتثال المأمور، ومن ذلك حديث عائشة - رضي الله عنها -: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي»؛ يتأَوَّل القرآن (١).

بعد ذلك يمكن أن يُقَال بأن التأويل له تَعَلُّق بالتدبر باعتبار الإطلاقين السابقين، وبيان ذلك: أن تَعَلُّقه به من جهة إطلاقه مُرادًا به التفسير لا يخفى؛ إذ القول فيه كالقول في التفسير.

وأما وجه تَعَلُّقه بالتأويل إذا أُريد به المعنى الآخر: فإن ذلك يكون بالامتثال والعمل والتطبيق، وذلك من المعاني الداخلة تحت التدبر، إضافة إلى التفكر فيما يؤول إليه الإنسان، وما يقع في الدنيا والآخرة مما وعد الله به أهل طاعته وأهل معصيته، والله أعلم.

ثالثًا: علاقته بالبيان:

البيان: من بان الشيء: إذا اتضح وانكشف.

هذا من حيث الجملة، ويتقيَّدُ معناه بحسب مُتَعَلَّقِه، والمقصود هنا: ما يتعلق بالتدبر؛ وذلك بإطلاق البيان على ما يُشْرَح به المُجْمَل والمُبْهَم ويُكْشَف به عن المعنى، ومن ذلك قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} (القيامة: ١٩)، وقوله: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل: ٤٤) (٢).

والقول فيه بهذا الاعتبار كالقول في التفسير من جهة المُلازَمة بينه وبين التدبر.


(١) رواه البخاري (٨١٧، ٤٩٦٨)، ومسلم (٤٨٤).
(٢) ينظر: مقاييس اللغة (كتاب الباء، باب الياء وما يثلثهما) (١/ ٣٢٨)، والمفردات (مادة: بان) ص: ٦٩.

<<  <   >  >>