للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا استجمع هذه الأمور فإن ذلك يقوده إلى ما بعدها؛ فمن ذلك:

[٥ - صدق الطلب والرغبة، وقوة الإقبال على كتاب الله، عز وجل]

قال القرطبي - رحمه الله -: «فإذا استمع العبد إلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - بنية صادقة على ما يُحِب الله، أفهمه كما يُحِب، وجعل في قلبه نورًا» اهـ (١).

وهذا يتطلب قدرًا من الصبر والإصرار؛ قال ثابت البُنَاني - رحمه الله -: «كَابَدتُّ القرآن عشرين سنة، ثم تنعَّمْت به عشرين سنة» (٢).

[٦ - أن يقرأ ليمتثل]

قال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} (البقرة: ١٢١).

قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: «والذي نفسي بيده: إن حق تلاوته أن يُحِل حلاله، ويُحرم حرامه، ويقرأه كما أنزله الله» (٣).

وقال الحسن البصري - رحمه الله -: «إن هذا القرآن قد قرأه عبيدٌ وصبيانٌ لا علم لهم بتأويله ... وما تدبر آياته إلا باتباعه، وما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى إن أحدهم ليقول: لقد قرأت القرآن كله فما أسقطت منه حرفًا، وقد- والله- أسقطه كله، ما يُرى القرآن له في خُلق ولا عمل، حتى إن أحدهم ليقول: إني لأقرأ السورة في نَفَس! والله ما هؤلاء بالقراء، ولا بالعلماء، ولا الحكماء، ولا الوَرَعَة، متى كان القراء مثل هذا؟ لا كثر الله في الناس مثل هؤلاء» (٤).


(١) تفسير القرطبي (١١/ ١٧٦).
(٢) الإحياء (١/ ٣٠٢).
(٣) رواه ابن جرير في تفسيره (٢/ ٥٦٧).
(٤) مضى ص: ٣٤.

<<  <   >  >>