للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا: علاقته بالاستنباط:

ترجع مادة (الاستنباط) إلى الاستخراج (١)؛ قال ابن جرير - رحمه الله -: «وكل مُسْتَخرِج شيئًا كان مُسْتترًا عن أبصار العيون أو عن معارف القلوب، فهو له مُسْتَنْبِط» اهـ (٢).

وبناء على ذلك، فإن الاستنباط من القرآن يكون بمعنى استخراج المعاني والأحكام وألوان الهدايات في العقائد والسلوك وغير ذلك، وهذا يكون نتيجة للتدبر كما لا يخفى، وهو قدر زائد على مجرد فهم اللفظ والكشف عن معناه، والله أعلم.

قال ابن القيم - رحمه الله -: «وقد مدح الله تعالى أهل الاستنباط في كتابه، وأخبر أنهم أهل العلم، ومعلوم أن الاستنباط إنما هو استنباط المعاني والعِلَل، ونِسْبة بعضها إلى بعض، فيُعْتَبَر ما يَصِحّ منها بصحة مِثْلِه ومُشْبِهه ونَظِيره، ويُلْغَى ما لا يَصِحّ. هذا الذي يَعْقِله الناس من الاستنباط.

قال الجوهري: «الاستنباط: كالاستخراج» (٣)، ومعلوم أن ذلك قَدْر زائد على مُجَرّد فَهْم اللفظ؛ فإن ذلك ليس طَرِيْقُه الاستنباط؛ إذ موضوعات الألفاظ لا تُنَال بالاستنباط، وإنما تُنَال به العِلَل والمعاني والأشباه والنظائر ومقاصد المتكلم، والله سبحانه ذَمّ من سمع ظاهرًا مُجَرَّدًا فأَذَاعَه وأَفْشَاه، وحَمِد من استنبط من أُولي العلم حقيقتَه ومعناه.


(١) ينظر: السابق (كتاب النون، باب النون والباء وما يثلثهما) (٥/ ٣٨١).
(٢) تفسير الطبري (٨/ ٥٧١).
(٣) انظر: الصحاح (باب الطاء، فصل النون) (مادة: نبط) (٣/ ١١٦٢).

<<  <   >  >>