للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك جزاؤهم جزاءً وفاقًا؛ كما قال تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠) وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} (الأنعام: ١١٠، ١١١)؛ فجازاهم بتكذيبهم الأول.

والله يقول مُخَاطبًا أهل الإيمان: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} (الأنفال: ٢٤).

وهكذا- أيضًا- الآيات التي تُخْبِر أن القرآن والإنذار إنما ينتفع بهما المؤمنون والمتقون؛ كقوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} (البقرة: ٢)، وقوله: {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ} (يس: ١١)، وقوله: {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} (يس: ٧٠)، وقوله: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} (الأنعام: ٣٦)؛ أي: سماع استجابة وقبول.

ومثل ذلك الآيات التي تُخْبِر أن الله لا يهدي القوم الكافرين، والفاسقين، والظالمين؛ أي: من سبق في علمه الأزلي شقاوتهم، وبعض العلماء يُعبِّر عن المعنى بقوله: يعني المُصِرِّين على كفرهم وظلمهم وعنادهم.

ولهذا قال الله تعالى في الآية العامة في التدبر: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} (ص: ٢٩)، ثم خص التذكُّر ببعضهم فقال: {وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (ص: ٢٩).

والكلام في هذا يطول، وما ذكرته يرشد إلى غيره، والله تعالى أعلم (١).


(١) وينظر ما سيأتي في موانع التدبر في الكلام على ما يتصل بالقلب.

<<  <   >  >>