للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن عطية - رحمه الله -: «قال الله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (القمر: ١٥، ١٧، ٢٢، ٣٢، ٤٠، ٥١)، وقال تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} (المزمل: ٥)؛ أي: عِلْم معانيه والعمل به والقيام بحقوقه، ثقيل، فمال الناسُ إلى المُيَسَّر، وتركوا الثقيل، وهو المطلوب منهم! » اهـ (١).

وقد كان السلف - رضي الله عنهم - لا يتجاوزون الآيات حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل؛ كما قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: «كان الرجل منا إذا تَعَلَّمَ عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن» (٢). وجاء نحوه عن أبي عبد الرحمن السلمي (٣).

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: «إن أقوامًا يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، ولكن إذا وقع في القلب فَرَسَخَ فيه، نَفَعَ» (٤).

«فالمؤمن العاقل إذا تلا القرآن استعرض القرآن، فكان كالمرآة، يرى بها ما حسن من فعله وما قبح فيه؛ فما حذَّره مولاه حَذِرَهُ، وما خوَّفه به من عقابه خافه، وما رغَّب فيه مولاه رغب فيه ورجاه؛ فمن كانت هذه صفته، أو ما قارب هذه الصفة، فقد تلاه حق تلاوته، ورعاه حق رعايته، وكان له القرآن شاهدًا وشفيعًا، وأنيسًا وحِرْزًا؛ ومن كان هذا وَصْفه نفع نفسه ونفع أهله، وعاد على والديه وعلى


(١) السابق.
(٢) رواه ابن جرير في التفسير (١/ ٨٠).
(٣) المصدر السابق (١/ ٨٠).
(٤) رواه مسلم (٨٢٢)، ونحوه عند البخاري (٦/ ٢٣٨).

<<  <   >  >>