وأولاها قصة موسى عليه السلام:(وإذ نادى ربُّك موسى)
، فاتصف تعالى بـ (العزيز الرحيم) لما يوجبانه من الخوف والرجاء اللذين بهما لزوم الطاعات، والرغبة فيما علا من الدرجات، وأراد بالرحمة أن هذه الأمم أمهلت لتُقلع عن تمرّدها، وتعود إلى ربها، وتتوب من ذنبها، فلما لم تفعل عوقبت في الدنيا سوى ما أعدّ لها في الأخرى. وقال في أول هذه السورة:(إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (٤) ، لأنه أراد أن لايكونوا كالْمُلْجَئِين في دينهم إلا اعتقاد ما يعتقدونه، فأمهلهم رحمة منه بهم فقال:(وما يأتيهم مِن ذِكرٍ من الرحمن محدَثٍ ... ) فاختص هذا الوصف هنا لذلك.
وأما قوله في سورة الأنبياء (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدَثٍ ... ) فلأنه عدّ إصلاح أديانهم من جملة إصلاح أبدانهم، والربُّ: القائم بما يصلح العبد، والدين أبلغ