يكاد يستبين العصب، من قلة اللحم. و"المنقل": الطريق في الغلظ. و"المقرب": طريق يختصر منه.
٦٩ ... لأيامها قيدت، وأيامها غزت
بغنمٍ، ولم تؤخذ بأرضٍ، فتغصبِ
يقول: هيئت، وقيدت، وصنعت لأيامها التي يحتاج إليها. وقوله: "وأيامها غزت" أي: وذاك أردات الخيل أيضاً. يقال: إن فلاناً ليغزو كذا وكذا، أي: يريده. وقال غير الأصمعي: هو من الغزو. قوله: "ولم تؤخذ" يقول: لم يأخذوها، جماعتها، من قومٍ غصباً. ولكنها انتقيت من كل حي. فهي خيار. ويروى: "ولم توجد" أي مهملة.
٧٠ ... كأن خيال السخل، في كل منزلٍ
يضعن به الأسلاء، طلاء طحلبِ
ويروى: "طلاء". وكل ما طلى شيئاً، فالبسه، فهو طلاء. قال: تطرح السخلة، وهي كأنها ماء في سلاها، فتجف، فكأنها خيطٌ من طحلب، في يبسه.
٧١ ... طوامح، بالطرف، الظراب إذا بدت
محجلة الأيدي، دماً بالمخضبِ
أي: يطمحن بطرفهن إلى "الظراب". وهي: جمع ظرب. وهو جبيل صغير. يقول: لم يكسرها الغزو، وهي سامية العيون. وقوله "محجلة" أي: صارت محجلة بالدم. و"المخضب": موضع الخضاب، من المرأة.
٧٢ ... وللخيل أيامٌ، فمن يصطبر لها
ويعرف لها أيامها الخير تعقبِ
قوله: "وللخيل أيامٌ، فمن يصطبر لها" أي: يصطبر للأيام, وقوله "أيامها الخير" يقول: أيامها الصالحة. ويقال معناه: تعقب الخير.
٧٣ ... وقد كان حيانا عدوين، في الذي
خلا، فعلى ما كان في الدهر، فارتبي
أراد "ارتبي" أيتها العداوة، أي: اثبتي. يقال: ما زال راتباً ليلته، أي: ثابتاً. وما زال راتباً بين يدي فلانٍ. وترتبٌ: تفعلٌ منه. ومثله إنه لذو تُدرَأٍ عن قومه، أي: درء، أي: يدفع.
٧٤ ... إلى اليوم لم نحدث، إليكم، وسيلةً
ولم تجدوها عندنا، في التنسبِ
يقول: لم نأتكم نتليّنُ لكم، ولكن جئنا نقاتلكم. وقوله "ولم تجدوها" يقول: ليست بيننا وبينكم مودةٌ، ولا نسبٌ، من قبل شيء من الأشياء، نعطفكم به.
٧٥ ... جزيناهم أمس الفطيمة، إننا
متى ما تكن، منا، الوسيقة نطلبِ
يقول: فعلنا بهم ما فطمهم عنا، لا يغزوننا بعدها، ولا يتعرضون لنا, وأصل "الفطم": القطع. و"الوسيقة": الطريدة. والجمع وسائق. وهي السيقة أيضاً، والجمع سيائق. وكل ما طرد وسيق فقد وسق. فيقول: متى تكن أموالنا الطريدة نطلبها.
٧٦ ... فأقلعتِ الأيام عنا، ذؤابةً
بموقعنا، في محربٍ، بعد محربِ
"بموقعنا" أي: بوقائعنا. "محرب بعد محرب" أي: محاربة بعد محاربة. و"ذؤابةٌ" أي: نحن ذؤابةٌ. وفرعٌ. لسنا بأذناب.
٧٧ ... فلم تجد الأقوام، فينا، مسبةً
إذا استدبرت أيامنا، بالتعقب
"استدبرت": نُظِرَ في أدبارها. و"التعقب": النظرُ في عاقبتها. فيقول: لا يجدون فينا مسبةً، إذا تعقبوا أيامنا، وطلبوا معايبنا.
[٢ وقال علقمة بن عبدة التميمي]
١ ... ذهبت، من الهجران، في غير مذهب
ولم يك حقاً كل هذا التجنبِ
ويروى: "طول هذا التجنب". يقول: لم يكن من الحق أن تجتنبي هذا التجنب كله، ولم آت ذنباً، استحققت به منك التجنب. ويقال: إنما خاطب نفسه بذلك، وعاتبها.
٢ ... لليلى، فلا تبلى نصيحة بيننا
ليالي حلوا، بالستار، فغرب
يعني: فليس تبلى نصيحة بيننا. يروى: "ليالي لا تبلى نصيحة بيننا". و"حلوا": نزلوا. و"الستار وغرب": موضعان.
٣ ... مبتلة، كأن أنضاء حليها
على شادنٍ، من صاحةٍ، متربب
قوله: "مبتلة" يعني: لم يركب بعضها بعضاً. وقوله "أنضاء حليها" يعني: قرطيها وقلائدها، أنها لطيفة، شبهها بالشادن. وقوله "متربب" يريد: تربية الجواري. و"الشادن": ولد الظبية، حين قوي.
٤ ... محال، كأجواز الجراد، ولؤلؤٌ
من القلقي، والكبيس، الملوبِ
"المحال" ههنا: الشذر المتخذ من الذهب. وقوله: "كأجواز الجراد" شبهه بصدور الجراد. والأجواز: الأوساط. الواحد: جوز. قال: و"القلقي": جنس من اللؤلؤ. و"الكبيس" منه: ما كبس، أي: حُشِيَ وطُلِيَ. وقالوا: الكبيس: الطيب في قوارير. "الملوب" أي: مطلي بالملاب.
٥ ... إذا ألحم الواشون، للشر، بيننا
تبلغ رمس الحب، غير المكذبِ
قوله: "ألحم" كما يفعل الناسج في لحمة الثوب. ضربه مثلاً. و"الواشون": النمامون. وأصله من الوشي. يقال للذي يعمل الوشي: الواشي والوشاء. شبه النمام به، لتأليفه الكلام، وتزيينه له، كما يؤلف الوشاء سلوكه، ويزينها. وقوله "تبلغ" يعني بالتي في الفؤاد. و"رمس الحب": رسوخ الحب. وأصله من الرمس، وهو الدفن. وهو يريد به ههنا: الثابت. وقوله "غير المكذب" أي: هو غير زائلٍ، ولا منقطع.
٦ ... وما أنت، أم ما ذكرها، ربعيةً
تحل بإيرٍ، أو بأكناف شربب؟
قوله: "ربعية" أي: هي من ربيعة. و"إير" جبل. و"أكناف شربب": جوانب جبل أو أكمةٍ. وواحد الأكناف: كنف.
٧ ... أطعت الوشاة، والمشاة بصرمها
فقد أنهجت حبالها، للتقضبِ
قوله: بصرمها" أي: في صرمها. أي: قطعتها و"أنهجت": أخلقت. و"التقضب": التقطع. و"الحبال": حبال المودة.
٨ ... وقد وعدتك موعداً، لو وفت به،
كموعد عرقوب أخاه، بيثرب
"عرقوبٌ" رجل من الأوس أو الخزرج، استعراه أخٌ له نخلةً، فوعده إياها، فقال له: حتى تزهي. فلما أزهت قال: حتى نرطب. فلما أرطبت قال: حتى يمكن صرامها. فلما دنا صرامها أتاها ليلاً، فصرمها، وأخلف صاحبه. فضربته العرب مثلاً، لكل ذي وعدٍ وخلف.
٩ ... وقالت: فإن نبخل عليك ونعتلل
تشك، وإن يكشف غرامك تدربِ
قوله: "تشك" أي: تشكو ذاك. و"غرامه": عذابه، وغمه، وشدة ما هو فيه منه. و"تدرب" أي: تعتاد. يعني: إن صرت إلى ما تريد اعتدت، ودربت عليه وهو المعتاد.
١٠ ... فقلت لها: فيئي، فما يستفزني
ذوات العيون، والبنان المخضبِ
قوله: "فيئي" أي: ارجعي إلى أهلك. قال الله عز وجل: (فإن فاؤواٍ) . وقال عز وجل: (فإن فاءت فأصلحوا) . و"يستفزني": يستخفني.
١١ ... ففاءت كما فاءت، من الأدم، مغزلٌ
ببيشة، ترعى في أراكٍ، وحلب
يقول: رجعت كما رجعت ظبيةٌ "مغزلٌ" معها غزال. و"بيشة": أرض قفر واسعة. و"حلب": شجر ترعاه الوحش.
١٢ ... فعشنا بها، من الشباب، ملاوةً
فأنجح آيات الرسول، المخبب
قوله: "ملاوةً" أي: دهراً طويلاً. ويقال: ملاوة، بالفتح. وقوله: "فأنجح آيات الرسول، المخبب" يقول: فأنجح ما كان يقول الذين يخببون، أي يسرعون إلى النميمة بيننا. قال: و"الآيات": العلامات. ويروى: "المخبب" بالفتح.
١٣ ... فإنك لم تقطع لبانة عاشقٍ
بمثل بكورٍ، أو رواحٍ، مؤوبِ
"اللبانة": الحاجة. والجمع: لباناتٌ. وقوله "مؤوب" يعني: يؤوب فيه، أي: يرجع في سيره. وأصله من الإياب وهو الرجوع.
١٤ ... بمجفرة الجنبين، حرفٍ، شملةٍ
كهمك، مرقالٍ على الأين، ذعلب
"المجفرة": الناقة المنتفخة الجنبين. و"الحرف": الضامرة التي كأنها حرف جبل. وقيل: إنه إنما لها حرفٌ، لصلابتها، شبهها بحرف جبلٍ. و"الشملة": السريعة الخفيفة. وقوله "كهمك"