قال الرازي على قوله تعالى (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم) أي جبالا راسية أن تميد بكم أي كراهة أن تميد بكم. وقيل المعنى أن لا تميد بكم.
واعلم أن الأرض ثباتها بسبب ثقلها وإلا كانت تزول عن موضعها بسبب الماء والرياح ولو خلقها مثل الرمل لما كانت تثبت للزراعة كما ترى الأرض الرملية ينتقل الرمل الذي فيها من موضع إلى موضع.
ثم قال تعالى (وبث فيها من كل دابة) أي فلكون الأرض فيها مصلحة حركة الدواب أسكنا الأرض وحركنا الدواب ولو كانت الأرض متزلزلة وبعض الأراضي لا يناسب بعض الحيوانات لكانت الدابة لا تعيش في موضع تقع في ذلك الموضع فيكون فيه هلاك الدواب. أما إذا كانت الأرض ساكنة والحيوانات متحركة تتحرك في المواضع التي تناسبها وترعى فيها وتعيش فيها فلا أ. هـ.
وقال في سورة الأنبياء (المسألة الثانية) الرواسي الجبال والراسي هو الداخل في الأرض.
«المسألة الثالثة» قال ابن عباس رضي الله عنهما أن الأرض بسطت على الماء فكانت تتكفأ بأهلها كما تتكفأ السفينة لأنها بسطت على الماء فأرساها الله بالجبال الثقال أ. هـ.
قال مفتي الثقلين في سورة النبأ (ألم نجعل الأرض مهاداً والجبال أوتاداً) لها أرساها بها كما يرسى البيت بالأوتاد أ. هـ.
وقال في سورة والنازعات. والجبال منصوب بمضمر يفسره أرساها أي أثبتها وأثبت بها الأرض أن تميد بأهلها. وهذا تحقيق للحق وتنبيه على أن الرسو المنسوب إليها في مواضع كثيرة من التنزيل بالتعبير عنها بالرواسي ليس من مقتضيات ذواتها بل هو بإرسائه عز وجل ولولاه ما ثبتت في أنفسها فضلا عن إثباتها الأرض أ. هـ.
قال البيضاوي في سورة الرعد (وهو الذي مد الأرض) بسطها طولا وعرضاً تثبت فيها الإقدام وينقلب عليها الحيوان (وجعل فيها رواسي) جبالا ثوابت من رسا الشيء إذا ثبت جمع راسية. وقال في سورة النحل (وألقى في الأرض رواسي) جبالا رواسي (أن تميد بكم) كراهة أن تميد بكم وتضطرب وذلك لأن الأرض قبل أن تخلق فيها الجبال كانت كرة خفيفة بسيطة الطبع وكان من حقها أن تتحرك بالاستدارة كالأفلاك أو أن تتحرك بأدنى سبب للتحريك فلما خلقت الجبال على وجهها تفاوتت جوانبها