ثم إني أذكر المبحث الذي يتكلم فيه بتمامه ثم أكر عليه نقضاً والله المعين لي على ذلك.
ثم قال الشيخ الكافي.
(المسألة السادسة والسبعون) قال المفتي.
(دوران الأرض وأخذه من القرآن) قال تعالى (الذي جعل لكم الأرض فراشا) وقال (أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا) وقال (جعل لكم الأرض مهدا) وقال (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا) وقال في سورة الأنبياء (كل في فلك يسبحون) وفي سورة يس (وكل في فلك يسبحون) وقال (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء).
وكل هذه الآيات تدل بظاهرها على أن الأرض متحركة ودائرة كما هو قول فيثاغورس قديما وقول علماء الهيئة اليوم. وذلك أنه ثبت بالمشاهدات الصحيحة أن الأرض على شكل كرة مفرطحة نحو قطبيها منتفخة عند خط الاستواء. وقد أطبق المحققون من المفسرين وجميع علماء الكلام وفلاسفة الإسلام على أن الأرض كرة وعدوا إنكار ذلك مكابرة فمن أقام الدليل على خلاف ذلك فقد أراد التشكيك في اليقينيات وكابر نفسه وأنكر حسه فلا يعول عليه ولا يلتفت إليه. فكان انتفاخها نحو خط الاستواء وتفرطحها نحو القطبين دليلا حسيا يدل على أن الأرض كانت سائلة في مبدأ خلقها وأنها متحركة بحركة رحوية ودائرة على محورها وذلك لأن الكرة إذا كانت صلبة كالتي من العاج مثلا لا يتغير شكلها ولو دارت على محورها قرونا كثيرة. وأما إذا كانت سائلة أو عجينة انتفخت نحو وسطها وتفرطحت نحو قطبيها وبذلك جمدت قشرتها أيضا وبردت ولو كانت ساكنة لبقيت جرما غازيا سائلا فلا تصلح لأن تكون فراشا ولا مهدا ولا ذلولا فثبت بذلك حركتها على محورها التي بها يتعاقب الليل والنهار.
وأما حركتها حول الشمس فسببها أن الشمس أكبر جرما من الأرض أضعافا مضاعفة وكلما كان الجرم أكبر كان أكثر وأقوى جاذبية من الأصغر. فالشمس هي التي تجذب الأرض إليها من كل الجوانب لما تقرر على وجه ما ذكر في علم رفع الأثقال بالتجربة العلمية الصحيحة وبذلك تبين أن هذه الآيات بظاهرها تدل على أن الأرض ليست