منقادة إلى حركة رحوية بها تدور على محورها ويتكون منها تعاقب الليل والنهار فقط بل تتحرك أيضا حركة أخرى حول الشمس تتكون منها السنة وفصولها. وأما قوله تعالى (كل في فلك يسبحون) فوجه دلالته أن القاعدة العربية في الضمير الذي يعود على المضاف إليه الذي ناب عنه التنوين في لفظ كل أنه يجوز فيه الإفراد والتثنية إن كان مرجع الحقيقي مثنى فالتثنية لمراعاة المعنى والإفراد لمراعاة اللفظ وقد جاء الضمير في قوله (يسبحون) جمعا فكان مرجعه جمعا وعلى هذا اتفق المفسرون غير أنهم أولوا ذلك بتآويل شتى ما دعاهم لارتكابها إلا اعتقاد ما قاله البطليموسية من اليونان من أن الأرض ساكنة مع أنه لم يقم دليل على سكون الأرض بل الدليل قائم على دورانها فلا داعي للتأويل بل يجب أن تبقى الآيتان على ظاهرهما ويعود الضمير على الأجرام الثلاثة التي هي الأرض والشمس والقمر. وممن استدل على دوران الأرض في تفسيره بهاتين الآيتين وبقوله تعالى (الذي جعل لكم الأرض فراشا) ونظائرها من الآيات صاحب كشف الأسرار النورانية القرآنية.
وأما قوله تعالى (وترى الجبال تحسبها جامدة) الآية فوجه دلالتها على دوران الأرض أن معناها أنا نرى الجبال نظنها بحسب ما يتراآى لنا ساكنة وهي في الواقع ونفس الأمر تمر مر السحاب وتسير سيرا حثيثا وما ذلك إلا لأن الأرض متحركة بحركة سريعة جدا والجبال تسير وتتحرك تبعا لها لأنه لا جائز أن تكون الجبال متحركة هذه الحركة وحدها والأرض ساكنة لأنه لو كان الأمر كذلك لانفصلت الجبال عن الأرض وهو خلاف المشاهد فتبين أن حركتها إذاً هي بالتبعية لحركة الأرض ولا جائز أن يكون ما نراه على الوجه الذي جاءت به الآية وقت النفخة الأولى أو النفخة الثانية كما قيل بذلك لأنه في كل الوقتين لا يكون هناك بقاء ولا وجود للجبال على الأرض على الوجه الذي يلائمه قوله تعالى في الآية (صنع الله الذي أتقن كل شيء) لأن يوم النفختين هو اليوم الذي ترجف فيه الجبال وتكون كثيبا مهيلا وهو اليوم الذي ينسف الله فيه الجبال نسفا. فيذرها قاعا صفصفا. لا ترى فيها عوجا ولا أمتا. وهو اليوم الذي تكون فيه الجبال كالعهن المنفوش والناس كالفراش المبثوث. إلى غير ذلك من الأحوال والأهوال التي لا تناسب أن يقال ويخاطب كل من يصح منه الرؤية (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء) لأن مثل هذا القول إنما