للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غبار فمن نظر إليها من بعد حسبها لتكاثفها أجساماً جامدة وهي في الحقيقة مارة إلا أن مرورها من وراء الرياح كأنها مندكة متفتتة.

والحالة السادسة أن تكون سراباً فمن نظر إلى مواضعها لم يجد فيها شيئاً منها كالسراب قال مقاتل تقع على الأرض فتسوى بها انتهى. وقال ابن كثير في تفسيره, وقوله تعالى (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب) أي تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه وهي تمر مر السحاب أي تزول عن أماكنها كما قال تعالى (يوم تمور السماء موراً. وتسير الجبال سيراً) وقال تعالى (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً. فيذرها قاعاً صفصفاً. لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً) وقال تعالى (ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة). وقوله تعالى (صنع الله الذي أتقن كل شيء) أي يفعل ذلك بقدرته العظيمة (الذي أتقن كل شيء) أي أتقن كل ما خلق وأودع فيه من الحكمة ما أودع انتهى.

وكلام المفسرين بنحو ما ذكرنا كثير جداً وكلهم على خلاف ما ذهب إليه المطيعي وأشباهه من تلامذة الإفرنج ومقلديهم من العصريين.

ثم قال الشيخ الكافي:

(المسألة الثامنة والسبعون) في بيان أن صنع الله تعالى كيف ما وقع لا يكون إلا متقناً سواء كان قبل النفختين أو بعدهما. وقَصْرُ مفتي مصر سابقاً ذلك على ما قبل النفختين وأن ما بعد النفختين لا ينبغي أن يخاطب به الناس لا ينظر إليه ولا يعول عليه.

(الجلال المحلي) قال في تفسير قوله تعالى (صنع الله) مصدر مؤكد لمضمون الجملة قبله أضيف إلى فاعله بعد حذف عامله أي صنع الله ذلك صنعاً (الذي أتقن) أحكم (كل شيء) صنعه. (العلامة زاده) قوله (صنع الله) مؤكد لمضمون الجملة قبله فإن ما تقدم من نفخ الصور المؤدي إلى الفزع العام وحضور الكل الموقف وما فعل بالجبال إنما هو من صنع الله لا يحتمل غيره.

(قال أبو السعود) على قوله تعالى (صنع الله) مصدر مؤكد لمضمون ما قبله أي صنع الله ذلك صنعاً على أنه عبارة عما ذكر من النفخ في الصور وما ترتب عليه جميعاً قصد به التنبيه على عظم شأن تلك الأفاعيل وتهويل أمرها والإيذان بأنها ليست بطريق

<<  <   >  >>