للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

كزهر الروضة الغَنَّاء باتتْ ... ترشف نيلها ريقُ السحابِ

كلامٌ تقرعُ الآذانُ منه ... بلفظٍ وقعه وَقْعَ الهضابِ

إذا بلغ القلوب حَيين منهُ ... كَمَا يحيين من بَرَدِ الشرابِ

ومما اخترْتُ في وَصف الكَتْب من المنثور المطبوع، والكلامِ الحر الرفيع رُقْعَةً لبعض الفصحاء،

خاطبَ بها مراجعاً لبعض الفقهاء وهي:

وردَ كتابك غاية الفَصاحة، ومنتهى البلاغة والرجاحة، فقبَّلْتُهُ عشراً، وأقبَلْتُهُ مني رَأْساً وشَعْراً،

وحين فَضضْتُ ختامَهُ سقَطَ بَصري على شكل مُشِقَ خطُّه فاندمج، ووسِّع بين أسطاره فانفرج. فياله

من كتاب قصُر وطال، وجَمَد قلمُ كاتبه وسال، نتيجة برهان. مقدِّمَتاه: الطَّبْعُ والبراعَةُ والجَزالة

والإصابَةُ. جَمَع بين مبدإ البلاغة وآخرها، في سحاة طولها الشُّفْر، وعرضها الظُّفْر. ولا غرو، فمن

علم الأصول استنبط الفروع، ومن انتقى القليل، استغنى عن شُعَب الجُموع، ولذلك جعلته إماماً

اخْتَرْتُه، ومثالاً امْتَثَلْتُه، ولو أسْهَبْتُ ما بَلَغْتُ غاية الوصف، ولا أعْطَيْتُه من حقِّه النِّصْف. فلِلَّه فِطْنَةٌ

فطرتْه، ويَدٌ سَطَّرَتْهُ، وصحيفَةٌ احتوته، وأنامل لوتْه. ما أبدعَ ما وَسَقَ، وأعجبَ ما نظم واتسق، (إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ)

ودُرٌّ يُنْثَرُ، وأنفاس تَعْبَقُ، ونُفوسٌ تُسْبى وتُسْرَق. أعراضٌ كقِطَع الرَّوض، ومعانٍ كأبْكار الغواني

أُدِرْنَ قُدوداً، وكُسِينَ من وشي الكلام عقوداً. ملك عيني نوراً، ويدي مسكاً وكافوراً، ودخلتْ نفسي منه

قُوَّةٌ لا أعْرِفُها فَكَيْفَ أصفها ولا أدْريهَا، فكيف أحْكيها. ماأنْضر جَنَاهُ، وأزْهر سناهُ. وأبْهَرَ لَفْظَهُ

ومعناه. ضَمَّن من بدائع الكلام فِقَراً شوارد، وقَلَّد من نواصع الحكم دُرراً فرائد.

<<  <  ج: ص:  >  >>