للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل ما يُستحسن من صفات الأقلام

بِخط اليراعة يُنال حَظُّ البراعة، وأفْضل أقلامِ الكُتَّاب، المُنْتَخَبة للكتاب، مالم يَكُن في طُوله تَعَوُّجٌ،

ولا في صلابتِه ترجُّج. وكانت خُصوصية العنصر الذي نماه، وسَجِيَّةُ المنبت الذي إليه مُنْتَماه، قد

أخذت به بين الرِّقة المُتَناهية التي لا تُسْتَحْسَنُ، والغِلَظِ المفرط الذي يُسْتَخْشَنُ، وأقَرَّتْهُ على المقدار

الذي لا يَقَعُ اختيارُ الكاتب على سواه، ولا يتَعَدّاه اقتراحُه ولا يَتَخَطَّاه.

ثم انتحى بَرْيَه ذو يمين رفيقةٍ بسكينٍ رقيقةٍ، فأجادَ شَقَّه، وأحكمَ قَطَّهُ فجاء به غَيْر شاقٍّ ولاعاقِّ،

سَلْسَ الجريان إذا أُرسِل، مُوافِقاً لِلْبَنانِ إذا أُعمِل، مُعْطِياً لقياده، غَيْر بخيل بِمِداده، تتبَنَّاه الأنامل

فَتَرْأَمُهُ، وتُواصل العَمَلَ به فلا تَسْأَمَهُ.

فهو للأنامل مطية، وعلى الكتابة مَعونةٌ قوية، قصَبََُه قد استوفى من الماء ريَّه، ومن الشمس حظَّه

وزَيَّه، حتى اصفرَّ ليطُهُ، واعتدل خوطه، وتناصَفَ شَكْلُهُ فهو أولى باليد من البنان.

قال: وسُمِّي قَلَماً لأنه قُلِمَ، أي قُطِعَ وسُوّي كما يُقْلمُ الظُّفْر. وكلُّ عودٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>