وقدْ بَلَغَنا أنّكَ رُبَّما لِنْتَ في الأحكامِ، وأغْضَيْتَ منها على بعض الاهْتِضامِ، لطوائفَ هنالِكَ مجْبولةٍ
على الجَدَل، مَجْدودَةٍ عن الخير في القول والعَمَل. ونحنُ نتقدمُ إليْكَ أنْ تُجْري الأحكامَ على مُقْتَضاها،
وتُنَفِّذَ الأقضية مَنْ أباها، صادِعاً بأمر الله كما يَجِبُ، مُحْتَسِباً في ذاته، ومِثْلُكَ يَحْتَسِبُ غيرَ هائِبٍ ذا
مكانَةٍ، ولا مُخل بِحقٍّ ذي اسْتِكانَة. وكُلُّ ما تأْتيه من ذلكَ فنَحْنُ لَكَ عليه ظهيرٌ، وأنْتَ بِهِ مُجْزىً
ومَشْكور. فَتَفَقَّدْ ذلك لَدَيْكَ، واجعَلهُ أَوْكد الفروض عليك، ليَرْتَدِعَ الجَرِيءُ، ويذُوقَ وبالَ إساءتِه
المُسيءُ، ويَسْكُنَ في ظِلِّ الأمن العفُّ البريءُ، وَأَعْلِنْ بما خَطَبْناكَ به، لِتَسْتَشْعِرَهُ القلوبُ القاسيةُ
فَتَلينَ، وتَتَصَوَّرَهُ الفِئَةُ الباغِيَةُ فَتَذِلَّ وتَسْتَكينَ، إن شاء الله تعالى.
وله في المعنى:
كَتَبْنَاه، أَكْرَمَكَ اللَّهُ بِتَقْوَاهُ، ووصَلَ لَدَيْكَ نُعْماه، وآثَرَكَ بِحُسْناه. ونحنُ نَحْمَدُ الله على آلائِهِ، لا رَبَّ
غَيْرُهُ، ثمَّ نؤكِّدُ لدَيْكَ التَّشَدد في أحْكامِكَ، وبَثَّ العَدلِ بين أَقْوامِك، وكُفَّ أيْدي أهل العداءِ، وحَمِّلْهم
على طريق الاستواء، وأنْ تتَفَقَّدَ كذلكَ أَحْوال العُمَّال عِنْدكمْ، وتُراعيَ سَيْرَ المُتَصَرِّفينَ من ... سيباً
بَيْنَكم، فإنْ جاؤوا عن الحَقِّ نَاكِبينَ، وتَوَلَّوا عنه مُدبرينَ، صَرَفْتَهم إلَيْنا بالاقْتِصار، واضطرَرَتَهُم إلى
رُكوبِ الجَادَّة أشَدَّ الاضطرار. فإنَّ الله تعالى قدْ فَرَضَ ذلكَ على الوُلاة للرَّعية، وجعلَ الراعي
مسْؤولاً عنِ الرَّعية المَرْعِيَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute