للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وله في المعنى:

أما بعد، أراكَ الله إخفاقَ مخائلكَ، وأعلَقَكَ في شَرَككَ وحبائلكَ، وأراكَ وبالَ بَغْيِكَ وغوائلِكَ، فقدْ

أوْرثكَ ضلالُكَ عنِ الرشاد وَسَناً، وأراكَ سيِّءَ أمْرِكَ حسناً، وثنى لكَ إلى مهالككَ عِنانا ورَسَنا،

فركبْتَ لخلافنا ظَهْراً، وأبْديْتَ أسرارَ عِصياننا جَهْراً، وسيَحْدوكَ كيْدُكَ إلى الفرارِ فلا تُطيقُ نفاذاً،

ويدعوكَ إلى الاعتصام فلا تجد ملاذاً، فما نَاوَأَنا مناوئٌ، ولا عارضنا من الغواية غاوٍ إلا عاجله

حِمَامُه، وقاتله عنا رُمْحُه وحُسامُه، ولولا أنا لا نوقِعُ قبل وعيد، ولا نزْمَعُ إلا بعد نهي مُبْدِئٍ ومُعيد،

لوجَّهنا إليكَ جيشاً تتزاحمُ أفواجه كالبحر إذ تتلاطمُ أمواجُه، تغْدو كقطعٍ الليل مواكبُه، وتبدو من

الأسنَّة كواكبُه، فيُثيرونَ قَتَاماً يعتم به جوُّك إعْتاماً، فلا ترى إلا لَمْعَ سنان، ولا تسمع إلا صَوْلَةَ بطل

فيها صدع جَنَانٍ، فيعود اغتباطكَ ندماً، ووجودُ أنصاركَ وأشياعكَ عَدَماً، فتَلومُ نفسك حين لا يغْني

الملامُ، وتستسلمُ ولا ينْفَعكَ الاسْتِسلامُ، لكنا كففنا بأسنا حتى يقدمَه الإنْذار، وتوقَّفْنا حتى يُعربَ عنّا

الإعذارُ، ثمَّ يأتي منْ بعد ذلك يومٌ عبُوسٌ قَمْطرير، لا يشرقُ فيه إلا ذابلٌ أوْ حُسامٌ طرير، وقد عَوَّدَنا

الله سبحانه ذلك في أعْدائنا، وأراناه في إعادتنا وإبْدائنا، وهو بعِزَّته يولي صُنْعَهُ الجميل معنا، ويحمي

من النوائب موْضعَنا، بمَنِّه وكرمه.

وفي المعنى لأبي بكر بن القصيرة:

<<  <  ج: ص:  >  >>