مصالحكم وأرْشَدَكم، وجعل إلى سبيل التخلص مقْصدكم. وقداتصل بنا ما حملكم عليه الاغترار،
وأنْكرناه، وحقُّه الإنْكار، منَ الجريرة
التي جرَّها سُفهاؤكم، والفتْنة التي أثارها غَوْغاؤُكم، وضَعُفَ عنْ كفِّها حَلُماؤكم، في العبث بذلكَ الغلامِ
والتخطي بعد ذلك إلى حزِّ رأسه، وتَفْريقِ أشْلائه، وتَحْريق أوصاله وأعْضائه، ورُكوبِكم الرُّؤوسَ في
مُواقَعة الآثام، وسَفْكِ الدَّم الحَرَام، وما لكم في المعاصي من الجرأة والإقدام، بدعةٌ لم تُبْتَدعْ قَبْلها،
ولاأتتِ الجاهلية مثْلها، وشقّاً لعصا الطاعة وقطعاً لحَبْلها، وتَحَوُّلاً إلى ظلِّ العصيان من ظلها،
وتعرضاً للعقوبة ورغبة في الارتسام بدلها، فِعْلُ منْ غمطَ النِّعمة، واستعجل النِّقمَةَ، واخْتارَ على
العافيَة المحنة. وسنفرغُ بحسم هذه الأمور، ونُحْدثُ لكم فيها الأحكام من قدر ما أحْدَثْتُمْ منَ الفجور،
ونُعجل لكم الآن بعض مالَكم فيه أَدَبٌ يَزَعُكُم، وتقديمٌ يرْدَعُكم. فأوْجَبْنا في الخطيئة على من قتَل
الغُلامَ ظُلْماً، وانتهَكَ حُرْمتَه جُرْماً، غرامَةَ ألْفٍ وخَمْسِ مائة دينار، ولا مناصَ لهم عنْ أدائها، ولا
عُذْرَ في التَّأخر عن قضائها، وأمرنا فلانا أنْ يَسْتَوفي عددها، ويسْتَعجل أمدها، ويتحاشى منها أهل
الصلاح والعفاف، ويؤخَذَ بها أهلُ التسرع إلى الشر والإسْفاف. فإنْ أخذ هذه على أيْدي السُّفهاء،
وانقطعتْ بها أسبابُ العداءِ، وإلا أنْزَلْنا بهم العقاب الأشنعَ، والنكال الأوجع. فارتدعوا مما أنتم عليه
مما لمْ تزالوا تجروا إليه منْ ثَوْرةٍ في الشرِّ إثْر ثورَةٍ، وفوْرَة في النِّفاقِ بعدَ فَوْرَة، واعلموا أنَّ
استِطالَتَكم تُورِّثكم الندامة، وأنّ استقامتكم تُعَقِّبُكم السلامة، فاختاروا ما شِئتُم منَ الاعْوِجَاجِ أو
الاسْتِقامَةِ. فإنَّ لكلٍّ عندنا جزاءً مَعْلوماً، وجُزْءاً منَ الثوابِ أوِ العقاب مقْسوماً. ولا حول ولا قوة إلاّ
بالله.
ومن إنشائه أيضاً في المعنى:
كتابُنا أبْقاكم الله وَعَصَمَكم بتقواه، ويسركُم منَ الاتِّفاق والائتلاف إلى ما