به المزيد من نعمه، والعِصْمَة من نِقَمه،
ونشكره شكراً يُحظِينا لديه، ويقرِّبنا زُلْفَى إليه، ونسأله النَّجاة من غِواية الشيطان، والتَّجاوزَ عن
سيئاتنا والغفران.
ونصلِّي على سيِّدنا محمّدٍٍ نبيِّه ورسوله المصْطفى، وصفيِّه أكرم الأنبياء وسَائِل، وأعظمهم فضائل،
المبعوث لخير الأمم، بالمُعجِزات والحِكَمِ، خير من افْتُتِحَتْ بذكره الدَّعوات، واسْتُنْجِحَتْ بالصلاة عليه
الطِّلْبَات، المرسول لأهل الإسلام قمراً منيراً، ولأهل والضَّلالِ قدراً مُبيراً، أزكى الأنام عوداً ونِجاراً،
وأعلاهم منصباً وفخاراً. بعثه الْلَّهُ والآفاقُ بدَياجي الكُفر مُظْلمة، وراياتُ الباطِل مُنْجِدَة ومُتْهِمَة، فنسخ
المِلَل، وأوْضَح السّبُل، ونقَل الناس عن عِبادة الأوْثان، إلى عبادة الرحمن، وصَدَع بالرِّسَالة، وبالغ في
الدلالة، وجلا غيَاهِبَ الضَّلال والرَّدى، وأحيا القلوب بنور الإيمان والهُدَى، ودَمَغ الباطل بالحق،
وحضَّ على الإيمَانِ والصِّدْق، فآمن به المُرْشِدون وكفر به المُلْحِدون، فالمُؤمِنون رَبَحوا وأمَروا،
والكافرون خابوا وخَسِروا.
صلَّى اللَّهُ عليه وعلى آله صلاة دائِمةَ الاتصالِ، تتكَرَّرُ تكَرُّرَ البُكَرِ والآصال. صلاةً لا يَلْحقها
اضطرابٌ، ولا يستطيع حصرَها الحِسَاب، وعليه من لَطَائِفِ التسليم ما يُربِي كثْرةً على عدَدِ النُّجومِ،
ويُزْرِي شَذَاهُ بالمِسْكِ المَخْتُوم، ويُوافِقُ احْتِفَاَله رِضَى الحَيِّ القَيُّوم.
أما بعد،
فإني رَأيْت حِلية الأدب السامي المحل والرتب أجمل ما يتحلى به أهل الهِمَم، ومطارفَه أحْسن ما
يَلْبسه أُوُلُو المَجْد والكَرمِ، وذخَاِئرَه أنفسَ ما يقتنى، وأزاهِرَه أبهجَ مايُجْتنى، لأنه للإنسان بالصواب
مُنطِق، وللسان من عقاله مُطْلِق. وله بدورٌ من الأفكار مطالعُها، وأنهارٌ من الألبابِ مشارعُها. فالقلوبُ
لبُدورِه فَلَك، والخواطر لأنهاره مَسْلَك. تشتمل الصدور على بدوره اشتمال الكِمَاِم على النوار، وتدفق
القَرائِح بأنهاره تدفُّقَ الدِّيمَة المِدْرار. وله مَيْدان تجول فيه الأذْهَان جَوَلان الكُمَاة في المَيْدان. وله بحْر
تغُوصُ فيه الخَواطِرُ، فتَستخرجُ منه